مولد الرسول ونشأته ووفاته: رحلة الهداية والرسالة

مقدمة:
تعرف على مولد الرسول ونشأته ووفاته
إن مولد الرسول صلى الله عليه وسلم هو أعظم حدث في تاريخ البشرية، فبه بشرت الملائكة وفرحت السماوات والأرض، وبه نورت الدنيا بالهدى والرحمة، وبه انطلقت دعوة الإسلام التي تحمل رسالة التوحيد والعدل والسلام لجميع الخلق.
نشأة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت مليئة بالعبر والدروس. فقد نشأ يتيماً في بيئة جاهلية، وتربى على أخلاق عالية، وعمل في رعي الغنم والتجارة. وشارك في بناء الكعبة وفي حلف الفضول. وكان معروفاً بالصدق والأمانة، حتى لقب بالأمين.
إن بداية الوحي التي توجه بها جبريل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في غار حراء هي بداية المرحلة النبوية التي امتدت لثلاثة وعشرين عاماً، شملت المكية والمدنية، وشهدت مواقف عظيمة من الجهاد والصبر والتوكل على الله، وأحداث مؤثرة من الهجرة والفتوحات والصلحات، وآيات باهرة من المعجزات والخصائص، حتى اكتملت الشريعة الإسلامية، وانتشر الدين في الأرض.
إن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت أشد مصيبة على المسلمين، فقد فقدوا به قائدهم وأستاذهم وخير أنيس لهم. فبكى لفقده كل شيء حتى المدينة التي كان يسكن فيها. لذا سنحاول معكم في موقع وثائقيه دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مولده إلى وفاته حيث أن هذه الدراسة من أجلّ الموضوعات التي يجب على كل مسلم أن يطلع عليها، ويتعظ بها ، ويقتدي بها ، في حياته ، ودعوته ، وجهاده في سبيل ربه.
مولد الرسول صلى الله عليه وسلم:
ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة في يوم الاثنين الموافق 12 ربيع الأول من عام الفيل، وهو العام الذي حاول فيه أبرهة الحبشي هدم الكعبة المشرفة بجيش من الفيلة. فأرسل الله عليهم طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول. وكان نسب النبي صلى الله عليه وسلم شريفاً ونبيلاً، وتوفي والده عبد الله قبل ولادته، وتوفيت أمه آمنة بنت وهب وهو في سادس عام من عمره، فكان يتيماً من أبويه. كما أرضعته حليمة السعدية التي جاءت إلى مكة تطلب رضيعاً يستأجر به. فاختارت الرسول صلى الله عليه وسلم لعدم وجود غيره، فحصلت به على خير كثير، وبركة في أهلها وغنمها.
نشأة الرسول صلى الله عليه وسلم:
تربى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كفالة جده عبد المطلب، ثم في كفالة عمه أبي طالب، وكان يحظى باحترام وتقدير قومه. وكان يشارك في رحلات التجارة إلى الشام واليمن. وكان يعمل في رعي غنم أهل مكة، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلاَّ رَعَى الغَنَمَ، فقالَ أصْحابُهُ: وأَنْتَ؟ فقالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أرْعاها على قَرارِيطَ لأهْلِ مَكَّةَ). كما كان يتحلى بالصدق والأمانة، حتى لقب بالصادق الأمين. كما كان يحزن على حال قومه المغرقين في الشرك والجاهلية، فكان يختلي في غار حراء يتفكر في خلق السماوات والأرض.
بداية الوحي:
في سادس عشر من رمضان من العام الأربعين من عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزل عليه جبريل -عليه السلام- في غار حراء، فقال له: (اقْرَأْ)، فقال: (ما أنا بقارئ)، فأخذ به جبريل فضغط عليه حتى بلغ منه الجهد، ثم أرسله وقال: (اقْرَأْ)، فقال: (ما أنا بقارئ)، فعاد به مثل ذلك ثلاث مرات، ثم قال له: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)، فعاد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة رضي الله عنها، فحدثها بما رأى وسمع، فأنزل الله تعالى: (يا أيُّها المُدَّثِّرُ * قُمْ فَأنذِرْ * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز فاهجر)، فكانت هذه هي بداية الدعوة إلى الإسلام .
المرحلة المكية:
استمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبليغ رسالة الإسلام في مكة لثلاث عشرة سنة. وكان يدعو إلى التوحيد والإخلاص والصلاح والبر والتقوى، وينهى عن الشرك والظلم والفساد والفجور. وكان يواجه في ذلك معارضة شديدة من قريش التي كانت تعبد الأصنام وتتبع أهواءها. فبدأت قريش بالتشكيك في نبوته واتهامه بالسحر والجنون والشعر، ثم انتقلت إلى التضييق على أصحابه وتعذيبهم ومحاربتهم. فصبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، واستعانوا بالله تعالى، وثبتوا على دينهم. وفي هذه المرحلة كان نزول الوحي يتعلق بـ :
بيان حقائق التوحيد والإيمان، وبذكر قصص الأنبياء الماضين، وبإخبار عن يوم القيامة وجزاء الصالحين والفاسقين، وبترويض نفوس المؤمنين بالآداب والأخلاق.
المرحلة المدنية:
في سنة 13 من البعثة، هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بعد أن أخبره الله تعالى بخطة قريش لاغتياله. كما كانت هجرته هي نقطة تحول في تاريخ الإسلام، ففتحت له أفاقاً جديدة من التأسيس والتنظيم والتوسع. فبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد النبوي، وأخى بين المهاجرين والأنصار. كما عقد عهوداً مع اليهود والمشركين، وأرسل رسائل إلى الملوك والحكام، وأمر بالجهاد في سبيل الله. وفي هذه المرحلة كان نزول الوحي يتعلق بتشريع الأحكام والشعائر، وبتنزيل القصص والمثل، وبتحكيم القرآن في المواقف والأحداث.
وفي هذه المرحلة شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوات عديدة، من أشهرها:
بدر، وأحد، والخندق، وبني قريظة، وبني النضير، وبني قينقاع، والمستدركة، وخيبر، والحديبية، وفتح مكة، وحنين، والطائف، وتبوك. كما شهد صلوات خاصة، من أبرزها: الإسراء والمعراج، وصلاة الخوف، وصلاة الكسوف.
وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم:
في السنة 11 من الهجرة، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد مرض عضال استمر لأحد عشر يوماً. فكان ذلك أشد مصاب على المسلمين، فقد فقدوا به خير خلق الله، وأشرف رسول. فبكى لفقده كل شيء حتى المدينة التي كان يسكن فيها. فقال أبو بكر رضي الله عنه: (إِنَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ ،وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ). ثم دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرته التي توفي فيها بجوار المسجد النبوي.
الخاتمة:
في هذا المقال، تناولنا موضوع عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم منذ مولد الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة في شهر ربيع الأول من عام الفيل، ومرورا بنشأته في بيت جده عبد المطلب وعمه أبو طالب، وبدايات دعوته إلى الإسلام، وهجرته إلى المدينة المنورة وإقامته الدولة الإسلامية هناك، وغزواته وصلحاته وفتوحاته، ووفاته في غرة ربيع الأول من عام 11 هـ.
كما نختم مقال مولد الرسول ونشأته ووفاته بالصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، ونسأل الله أن يجعلنا من أتباع سيرته العطرة، وأن يجمعنا به في جنات النعيم. آمين.