من هو غاندي: رائد الحرية والسلام في الهند والعالم

المقدمة
تعرف من هو غاندي
من الشخصيات التاريخية التي تركت بصمة عميقة في العالم الحديث، شخصية المهاتما غاندي التي تجسدت فيها قيم السلام والحرية والمقاومة اللاعنفية. عاش غاندي حياة ملحمية مليئة بالنضالات والتضحيات والانتصارات التي ألهمت الملايين من الناس في كل أنحاء العالم. في هذا المقال في موقع وثائقيه، سنستعرض مسيرة حياة المهاتما غاندي وأبرز إنجازاته وتأثيره على العالم، نأمل أن تستفيدوا من قراءته.
حياة المهاتما غاندي
طفولة غاندي:
ولد غاندي فى عام 1869 في بوربندار بولاية غوجارات غرب الهند. حيث كانت طفولته مليئة بالتحديات والصعوبات،
حيث توفي والده قبل أن يبلغ غاندي الثالثة عشرة من عمره، وتركه مع أمه وشقيقه الأصغر.
وفي ذلك الوقت، كانت الهند تعاني من الاستعمار البريطاني الذي استمر لأكثر من مائة عام،
ولذلك كانت طفولة غاندي مليئة بالمعاناة والظلم الذي تعرضت له بلاده.
تعليم غاندي:
حصل غاندي على تعليمه الأول في مدرسة الكتاب المقدس البروتستانتية.
ولكنه ترك التعليم الثانوي في سن 18 عامًا للسفر إلى بريطانيا لمتابعة دراسته في الحقوق.
حصل غاندي على درجة البكالوريوس في الحقوق من جامعة لندن في عام 1891.
وعلى الرغم من أن تعليمه كان في مجال الحقوق،
إلا أنه تأثر بشدة بأفكار الفلاسفة والمفكرين الهنود الذين درسهم في الجامعة، مثل رابيندراناث طاغور وجوتي.
وكان يرى أن التعليم يلعب دورًا هامًا في تعزيز هذه الفكرة،
حيث يعتقد أن التعليم يمكن أن يساعد الناس على فهم حقوقهم والدفاع عنها بطريقة سلمية وبدون عنف.
خدمة غاندي في جنوب إفريقيا:
تعد تجربة المهاتما غاندي في جنوب إفريقيا من أهم الأحداث التي شكلت مسيرته النضالية،
حيث تعرض فيها للظلم والتمييز العنصري الذي كان يمارسه الحكومة البريطانية ضد الهنود الذين كانوا يعملون في جنوب إفريقيا.
في عام 1893، وصل غاندي إلى جنوب إفريقيا كمحامٍ للعمل في إحدى الشركات الهندية.
ومع ذلك، بدأ غاندي يواجه التمييز والعنصرية بسبب لون بشرته، حيث كان البريطانيون يعاملونه وكأنه “أقل منهم” بسبب أصله الهندي.
تعرض غاندي وزوجته للعنف الجسدي والمعنوي والمضايقات والتحرشات من قبل الحكومة والمجتمع، وبدأ يشعر بالغضب والإحباط من هذه التجربة السلبية.
ولكن بدلاً من أن يستخدم العنف للرد على الظلم الذي تعرض له،
قرر غاندي اللجوء إلى الاعتصام السلمي والمقاومة السلمية لمواجهة الظلم والتمييز.
توسعت حملته للمقاومة السلمية لتشمل العديد من المبادئ السلمية والأخلاقية مثل الصدق والتضحية والتعاطف والشجاعة. وتمكنت هذه الحملة من تحقيق نتائج كبيرة في النهاية، حيث بدأت الحكومة البريطانية تتبنى سياسات تخفف من هذا التمييز والعنصرية.
النضال السلمي للحرية
فلسفته السياسية:
اعتمدت فلسفة المهاتما غاندى على القوة الروحية والتحكم في النفس وعدم العنف.
تركز فلسفة غاندي على الإنسان وكيفية تحقيق الحرية والعدالة، وكان يؤمن بأن السلام الداخلي والسلام في العالم لا يمكن تحقيقه إلا بالاعتماد على القوة الروحية، والتحكم في النفس، والعدم العنف.
وبالرغم من أنه قد واجه الكثير من الانتقادات والمعارضة، إلا أنه لم يتراجع عن مبادئه وقيمه التي تتمحور حول السلمية والإيمان بالقوة الروحية.
تعتبر فلسفة غاندي من الفلسفات السلمية، حيث يرفض استخدام العنف والقوة في حل المشكلات، بل يدعو إلى الاعتماد على الحوار والتفاهم والتعاون، وبالتالي تحقيق السلام والعدالة في العالم.
ويعتبر المهاتما غاندي أيضاً من المؤسسين الرئيسيين لما يعرف بحركة اللاعنف، والتي تهدف إلى تحقيق الأهداف المشتركة بدون استخدام العنف.
ويمكن تلخيص فلسفته في ثلاثة مفاهيم رئيسية، وهي:
1- الاعتماد على القوة الروحية:
يعتقد غاندي بأن القوة الروحية هي الطريقة الأساسية لتحقيق السلام والعدالة في العالم، ويؤمن بأنه يمكن للإنسان أن يصل إلى هذه القوة من خلال التحكم في نفسه والتخلص من الغضب والكراهية والعنف.
2- التحكم في النفس:
يعتقد غاندي بأن التحكم في النفس هو الأساس الذي يجب أن يتمحور حوله تحقيق السلام والعدالة، ويروج للتحكم في النفس من خلال الصيام والميدان والتأمل والتضحية، وبالتالي تحقيق الوعي الروحي والتحول الإيجابي للإنسان.
3- العدم العنف:
يعتبر غاندي العنف أداة مدمرة، ويروج للعدم العنف كوسيلة لتحقيق الأهداف، ويعتبر أن العدم العنف يمثل الطريقة الأمثل لتحقيق العدالة والسلام والتغيير الإيجابي في المجتمعات.
يمكن القول بأن فلسفة تحمل رؤية رائدة في تحقيق السلام والعدالة في العالم.
حركة العصيان المدني:
حركة العصيان المدني التي قادها المهاتما غاندي في الهند كانت واحدة من أهم الحركات السياسية في القرن العشرين.
كانت الحركة تستند إلى فكرة المقاومة السلمية والتي تهدف إلى الاعتراض والمقاومة ضد الاستعمار البريطاني في الهند دون استخدام العنف.
بدأت الحركة في عام 1919 عندما قامت الحكومة البريطانية بتشديد القوانين التي تنظم حرية التعبير والتجمع في الهند. وفي عام 1920، أصبح غاندي رئيسًا للاتحاد الوطني الهندي وبدأ في قيادة الحركة بنفسه.
استخدم غاندي عددًا من الأساليب السلمية لإثارة الانتباه إلى قضايا الاستعمار البريطاني في الهند، بما في ذلك المقاطعة وعدم الانصياع للقوانين الجديدة التي فرضتها الحكومة البريطانية.
وبدأت الحركة في النمو وتنظيم المظاهرات والاعتصامات والإضرابات في جميع أنحاء الهند.أثرت حركة العصيان المدني بشكل كبير على الثورة الهندية، حيث ساعدت في إيقاظ الوعي الوطني والوحدة الهندية، وعززت الدعوة إلى الاستقلال عن الاستعمار البريطاني.
وفي النهاية، أدت الحركة إلى انتزاع الاستقلال الهندي في عام 1947.بشكل عام، يمكن القول إن حركة العصيان المدني التي قادها في الهند كانت نموذجًا حقيقيًا للمقاومة السلمية
وكانت مصدر إلهام للحركات السلمية الأخرى في العالم، مثل الحركة النضالية في الولايات المتحدة وحركة التحرير الوطنية في جنوب أفريقيا.
الاستقلال:
بدأت الحركة الوطنية الهندية في الظهور في بداية القرن العشرين، مع النشاطات الهادفة إلى الحصول على الاستقلال وإنهاء الاستعمار البريطاني.
وقد قاد حملة سلمية وغير عنيفة للحصول على الاستقلال، والتي اشتهرت باسم “الحركة غير العنيفة” أو “الأحداث المدنية”.
وكانت هذه الحملة تستند إلى الأسس الفلسفية للغاندية، والتي تؤكد على العدم العنف والاستغناء عن العنف كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية.
وقام أيضاً بتنظيم العديد من الأحداث المدنية، بما في ذلك الإضرابات عن العمل والمظاهرات السلمية والاعتصامات السلمية والمسيرات،
وتم تنظيم هذه الأحداث في جميع أنحاء الهند. وكانت هذه الأحداث تستهدف إيقاف الحكم البريطاني وإثارة الوعي السياسي لدى الهنود.
وكانت الحملة تتضمن أيضًا عدة حملات لعدم شراء المنتجات البريطانية، وذلك للضغط على الحكومة البريطانية للانسحاب من الهند.
وفي النهاية، حققت الحملة السلمية للحركة الوطنية الهندية نجاحًا باهرًا، وأدت إلى الانسحاب البريطاني من الهند.
التأثير على العالم
التأثير على حركات المقاومة:
أثرت فلسفة المهاتما غاندي وحركاته السلمية على حركات المقاومة في جميع أنحاء العالم.
وتعد فلسفته وحركاته السلمية من الحركات الرائدة في تاريخ النضالات السلمية، حيث قادت الهند في عام 1947 إلى الاستقلال عن بريطانيا بطريقة سلمية وغير عنيفة.
وبفضل تلك الفلسفة والحركة، أثرت بشكل كبير على حركات المقاومة في جميع أنحاء العالم، وذلك بسبب التأثير الذي تركه على الأفراد والمجتمعات في كل مكان.
التأثير على حقوق الإنسان:
أثرت فلسفته بشكل كبير على حركات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
حيث كان غاندي مؤمنًا بأن العنف لا يمكن أن يكون سبيلًا لتحقيق السلام والعدالة، وأنه يجب على الناس أن يعملوا معًا بطرق سلمية لتحقيق أهدافهم.
كما أثرت فلسفته على الحركات الأمريكية من أجل حقوق المدنيين والحقوق الإنسانية كان خاصًا بارزًا.
حيث تم إجراء مقابلة مع مارتن لوثر كينغ الابن حيث أشار إلى غاندي بأنه “أصبح رمزًا لحركة المدنيين الذين يسعون للحرية والعدالة في جميع أنحاء العالم.”
واستوحى كينغ أفكاره وتكتيكاته اللاعنفية من غاندي، واعتبره قدوة له ولحركته.
ومن خلال حركاته السلمية، قاد حملات للحرية والعدالة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وبفضل مثل هذه الحركات، تحققت انتصارات مهمة في حقوق الإنسان بما في ذلك الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية.
الأثر على الثقافة الشعبية:
تأثرت الثقافة الشعبية والفنون والأدب في العالم بشكل كبير بشخصية المهاتما غاندي وحركاته السلمية.
حيث أثرت على الكثير من الأعمال الفنية والأدبية، وذلك بمختلف الطرق التالية:
1- الأدب الهندي:
أثرت شخصيته بشكل كبير على الأدب الهندي، حيث كان يعتبر قدوة للكثير من الأدباء والشعراء الهنود، وذلك بسبب رؤيته السلمية والتسامح والإيمان بالحوار والحوار البناء.
2- السينما العالمية:
تأثرت السينما العالمية بشخصية المهاتما غاندي وحركاته السلمية، حيث تم تصوير حياته في العديد من الأفلام العالمية، مثل فيلم “غاندي” الذي أنتج عام 1982 وحصل على العديد من الجوائز العالمية.
3- الفن المعاصر:
أثرت شخصية المهاتما غاندي وحركاته السلمية على الفن المعاصر، حيث استخدم بعض الفنانين الأساليب الفنية لغاندي في أعمالهم الفنية، وذلك بسبب رؤيته الفلسفية السلمية والاعتماد على الحوار والتفاهم.