إسلاميات

من هو الامام احمد بن حنبل؟ حياته وآثاره ومذهبه

المقدمة

تعرف من هو الامام احمد بن حنبل رحمه الله

من هو الامام احمد بن حنبل؟ هو واحد من أعلام الإسلام ورجاله الأفذاذ، الذين أثروا التراث الإسلامي بعلومهم وفضائلهم. ولد في بغداد في سنة 164 هـ، وتلقى تعليمه الأولي على يد والده، ثم تفقه على أيدي عدة من المشايخ الأجلاء، من أبرزهم الإمام الشافعي وسفيان الثوري.

وكان يتحلى بالذكاء والحفظ والفهم، فأصبح من أكابر علماء الحديث والفقه في زمانه. وقد ألف كتاب “المسند”، الذي يُعد من أضخم مصنفات الحديث، ويضم نحو ثلاثين ألف حديث نبوي شريف، مرتبة على اسم الصحابي راويها.

كما أنشأ مذهباً فقهياً مستقلاً، يُسمى بالمذهب الحنبلي، والذي يتبعه ملايين المسلمين حول العالم. وقد اشتهر بالورع والزهد والتقوى، وكان يتصف بالشجاعة والصبر والثبات على الحق، خاصة في مواجهة المحنة العظمى التي ابتُلِي بها في عهد المأمون، حيث تعرض للاضطهاد والتعذيب بسبب رفضه قول المخلوقية. كما كان يحرص على نشر العلم وتعليم الناس، فأنار قلوبهم بنور الإسلام.

توفي رحمه الله في سنة 241 هـ، وشيَّع جثمانه جمع غفير من أهل بغداد، في مشهد مؤثر يدل على حب الناس له وتقديرهم لجهوده. هذا ما استطعنا تقديمه لكم في هذا المقال من موقع وثائقيه عن من هو الامام احمد بن حنبل رحمه الله، نسأل الله أن ينفع به المسلمين، وأن يجزي صاحبه خير الجزاء.

نسب الامام احمد بن حنبل

  • «هو أحمد بن حنبل أبو عبد الله بن هلال بن إدريس بن حيان بن أنس بن قاسط بن ذهل بن شيبان بن عكابة بن صعب بن بكر بن وائل بن هنب بن أسد بن نزار بن معد بن عدنان».
  • أبوهمحمد بن حنبل الشيباني».
  • أمهصفية بنت ميمونة الشيبانية».
  • زوجاتهالعباسة بنت الفضل، ريحانة، حُسن».
  • أولاده:«له ستة من الأبناء، صالح وعبداللّٰه (كانا مولعين بالفقه الإسلامي)، وسعيد ( تولي منصب قاضي الكوفة) وزينب، وحسن، ومحمد.

مولد الامام احمد بن حنبل

ولد الإمام أحمد بن حنبل في شهر ربيع الأول من سنة 164 هـ، وهو ما يتفق عليه معظم المؤرخين والمفسرين.

كما أكد ابناه صالح وعبد الله هذا الحدث، وقد روى عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه سمع والده يقول إنه وُلد في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومئة.

ومع ذلك، فإن هناك اختلافًا فيما يتعلق بموطن ولادة الإمام أحمد بن حنبل، حيث يختلف المؤرخون في ذلك الأمر.

وقد ذكر أنه ولد في مدينة مرو في خراسان، وهي تقع حاليًا في تركمانستان، حيث كان يعمل والده وجده من قبل.

ومن الجانب الآخر، يقول بعض المؤرخين إنه وُلد في بغداد بعد أن جاءت أمه حاملة به من مدينة مرو التي كان بها والده.

ومع ذلك، يُعتبر القول الراجح عند الكثير من المؤرخين هو أنه وُلد في بغداد، وذلك بناءً على رواية عبد الله بن أحمد بن حنبل.

حيث قال إن أمه جاءت حاملة به من خراسان، وولد في بغداد في سنة 164 هـ.

نشأة الامام احمد بن حنبل

ولد الإمام أحمد بن حنبل في القرن الثالث الهجري، في ربيع الأول من سنة 164 هـ.

وفي طفولته، فقد أباه وهو طفل صغير، وقال فيما بعد: «لم أرَ جدي ولا أبي».

كما ذُكر أن أباه توفي شابًا في العام الذي ولد فيه ابنه، وكان قائدًا من قادة المسلمين في خراسان، حسبما قال الأصمعي.

وكان الإمام أحمد وأمه في حاجة شديدة للمعيشة، إذ كانت أمه تعمل في الخياطة، وكان أحمد يعمل في لقط الحب.

ورغم ذلك، استطاع التغلب على كل أقرانه من أولاد الأغنياء الذين كانوا يتعلمون في الكتاتيب.

وكرس حياته للتعلم والتفرغ لحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كما أنه هو صاحب المقولة الشهيرة: ( المِحبرة إلى المقبرة).

صفات الامام احمد بن حنبل وأخلاقه

التقوى وحب العبادة

تميز الإمام أحمد بن حنبل بالورع والتقوى والتعبد، فكان يحرص على أداء الصلوات في مواعيدها والصوم بشكل مستمر.

كما كان يحب الاعتكاف والتفكر في آيات الله، وهو ما جعله يكتسب الاحترام والتقدير من قبل الناس.

عندما تعرض أحمد بن حنبل للضرب والجلد في المحنة التي تعرض لها، كانت هذه التجربة الصعبة أحد الأسباب التي جعلته يخفض عدد ركعات الصلاة من 300 ركعة إلى 150 ركعة في اليوم.

ولكن ذكر عن أناس يعرفون من هو الامام احمد بن حنبل كان يختم القرآن الكريم ختمة في كل سبع ليال، مما يدل على عمق تقواه وتعبده.

علمه الواسع

اشتهر الإمام أحمد بن حنبل بعلمه واسع الانتشار، حيث كان يتلقى العلم والمعرفة من الشيوخ المجددين والفقهاء المشهورين في عصره.

كما كان الإمام أحمد بن حنبل مشهوراً بفهمه العميق لحديث رسول الله ﷺ والفقه، وقد أثنى عليه العديد من العلماء والشيوخ.

حيث كان كل شيوخ وعلماء عصره يعرفون جيداً من هو الامام احمد بن حنبل.

من بينهم الإمام الشافعي وعلي بن المديني، الذين كانوا يعلمون من هو الامام احمد بن حنبل.

كما يشيرون إلى عمق معرفته بالدين والفقه وقدرته على فهم أدق التفاصيل وتفسيرها بطريقة سليمة ودقيقة.

ومن الأمور التي أضافت لشهرة الإمام أحمد بن حنبل هو معرفته باللغات الأجنبية، حيث كان كل من يعرف من هو الامام احمد بن حنبل على علم بمعرفته باللغة الفارسية و أنه يتحدث بها بطلاقة.

وقد رويت قصة عن استضافته لأحد أقاربه الذي جاء من خراسان، حيث تحدث معه بالفارسية لمناقشة أمور البلد وأهله، مما أبهر الجميع بمدى معرفته باللغة واحترافها.

قوة حفظه

لا يمكن لأحد أن ينكر قوة حفظه، إذ كان يتمتع بالقدرة على حفظ الآلاف من الأحاديث النبوية واسترجاعها بدقة وأسلوب جميل.

ولقد شهد معاصروه بقوة حفظه وضبطه الدقيق، ولم يكن هذا بالصدفة بل بسبب الجهد الكبير الذي بذله في تعلم العلم وتحصيله.

في إحدى القصص التي تؤكد قوة حفظه، يقول الإمام أحمد بن حنبل: “كنت أذاكر وكيعاً بحديث الثوري، فكان إذا صلى العشاء خرج من المسجد إلى منزله، فكنت أذاكره، فأقوم بحفظ تسعة أو عشرة أحاديث، فإذا دخل قال لي أصحاب الحديث: أملِ علينا ما حفظت من أحاديث، فأقوم بإملائهم ما حفظت من أحاديث فيكتبونها”.

كما أن هذه القصة توضح تعاونه مع الأصحاب في تحصيل العلم، وكذلك توضح قدرته الكبيرة على الحفظ والإبداع.

وقد أشار أبو زرعة إلى قوة حفظه وضبطه، عندما سُئِل عن أفضل المحدثين في الحفظ فأجاب: “أحمد بن حنبل”.

وهذا يؤكد على أنه كان مشهورًا بقدرته على تدوين الأحاديث ونقلها بدقة.

و بالإضافة إلى ذلك شهد ابنه، عن قوة حفظ والده، إذ قال: “كان أحمد بن حنبل يحفظ ألفَ ألفِ حديث، وقد ذاكرتُه فأخذتُ عليه الأبواب”.

هذا يدل على أنه كان يمتلك قدرة فائقة على الحفظ والإبداع، وأنه كان يمتلك معرفة عميقة في الدين والفقه.

شكل الامام احمد بن حنبل وهيئته

جاء في وصفه على حد قول من يعرف من هو الامام احمد بن حنبل أنه كان رجلاً حسن الوجه، كما وصفه التلميذ عبد الملك بن عبد الحميد الميموني.

وكانت تعلوه سكينة ووقار وخشية، وهذا يعكس على مدى ثقافته العالية وأخلاقه الحميدة.

كما كان أحمد بن حنبل يولي اهتمامًا كبيرًا لنظافته الشخصية.

فكان يحرص على أن يكون ثيابه نظيفة وأنيقة، وشعره ولحيته مصبوغة بالحناء.

بالإضافة إلى حسنه الظاهري، فإن الامام احمد بن حنبل كان يتميز بالتواضع والتسامح والعدل، وهذا ما جعله يحظى بمكانة عالية في قلوب الناس.

وكان يحرص على مساعدة الناس وتقديم المشورة لهم، ولم يكن يفرق بين مسلم وغير مسلم في ذلك.

أشهر مؤلفات الامام احمد بن حنبل

ترك الإمام أحمد رصيداً هائلاً من المؤلفات تندرج تحت باب الحديث النبوي.

حيث تعد دراسة الحديث هي العلم الذي يتصدر اهتماماته.

ويمكن القول إن جميع كتبه تندرج تحت باب الحديث بشكل مباشر أو غير مباشر.

كما جمع في كتابه “المسند” الذي يعد من أشهر مؤلفاته، أكثر من أربعين ألف حديث، حيث جمعها ونظمها على حسب أسماء رواة الأحاديث،

كما يعتبر هذا الكتاب من أهم الكتب في علم الحديث النبوي، حيث يحتوي على حديث شريف في معظم صفحاته.

وعلاوة على ذلك، فإن لأحمد بن حنبل كتباً أخرى في علم الحديث مثل:

  • الزهد“.
  • العلل“.
  • الإيمان“.
  • الرد على الجهمية“.
  • الصلاة“.
  • الأشربة“.
  • فضائل الصحابة“.
  • أحكام النساء“.
  • الأسامي والكنى”.

وجميعها تناولت الحديث النبوي بشكل مباشر أو غير مباشر.

شيوخ الامام احمد بن حنبل

من أشهر شيوخ الإمام أحمد بن حنبل

  • من أشهر محمد بن إدريس الشافعي.
  • أبو محمد التيمي
  • عبد الرحمن الأزدي.
  • وكيع بن الجراح.
  • عبد الرازق بن همام.
  • سفيان بن عيينة.
  • بشر بن السري.
  • ثابت بن الوليد الزهري.
  • عمر بن أيوب العبدي.
  • إبراهيم بن إسحاق الطالقاني.

تلاميذ الامام احمد بن حنبل

من أشهر تلاميذ الإمام أحمد بن حنبل

  • أبو بكر المروذي.
  • أبو بكر الأثرم.
  • حرب بن إسماعيل الكرماني.
  • بقيّ بن مخلد.
  • إسحاق بن منصور التميمي.
  • محمد بن إسماعيل البخاري.
  • صالح وعبد الله ابنا الإمام أحمد بن حنبل.
  • أحمد بن محمد الكحال.
  • الحسن بن ثواب.
  • أبو بكر بن محمد بن الحكم.

قصة الامام احمد بن حنبل في سكرات الموت

في شهر رمضان المبارك من العام 855 ميلادية، توفي الإمام أحمد بن حنبل بعد صراع طويل مع المرض.

ويقول ابنه عبد الله بن أحمد بن حنبل، إنه كان يعاني من آلام شديدة، وبدأ يغمى عليه مرارًا وتكرارًا، ثم يفيق من هذه الحالة ويقول: “لا…بعد لا…بعد لا…بعد”، وهو يعض على أصابعه، ثم يعود إلى حالة الغيبوبة من جديد.

فسأله عبد الله عن حالته وماذا يجري معه، فأجابه الإمام أحمد بن حنبل بقوله: “هذا ابليس لعنه الله، يفتنني ويقول لي: يا أحمد، فتنني، وأنا أقول له: لا…بعد لا…بعد، حتى أموت”.

وبعد هذه الأقوال الأخيرة، توفي الإمام أحمد بن حنبل في 12 رمضان عام 855 ميلادية وأوصى بدفنه بجوار شعر النبي ﷺ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى