إسلاميات

معركة حطين: قصة الصمود والشجاعة في مواجهة الصليبيين

شهدت معركة حطين يوم السبت الموافق 4 يوليو 1187م بقيادة البطل الأيوبي صلاح الدين، صراعًا شرسًا بين الجيوش الصليبية والمسلمة.

حيث وقعت المعركة بالقرب من قرية المجاودة بين الناصرة وطبريا، وأسفرت عن فوز المسلمين وسقوط الصليبيين في طوق من القوات الأيوبية.

مما أدى إلى تحرير مملكة بيت المقدس وعودة الأراضي التي كانوا قد احتلوها.

وقد وضعت تلك المعركة الصليبيين في وضع غير مريح استراتيجيًا.

أسباب معركة حطين:

تمت احتلال مناطق من البلاد الإسلامية وخاصة القدس من قبل الصليبيين في عام 1099 م.

حيث استولى الإقطاعيون الصليبيون والفرسان على الحكم في تلك المناطق.

واستمر هذا الوضع لمدة قرن كامل، مما حفز الناس على تحرير بلادهم من الاحتلال. وقد تسببت غارة قام بها رينو دي شاتيون، أحد البارونات الإفرنج البارزين، في اندلاع الحرب بين المسلمين والصليبيين.

كان رينو دي شاتيون مغامرًا وجريئًا، حيث اقتحم قبرص البيزنطية في عام 1155 م ونهبها، كما تم اعتقاله عند نور الدين زنكي قبل 16 عامًا،

وعند إطلاق سراحه استقر في حصن الكرك وبدأ في نهب قوافل التجار المارة بالقرب منه.

وبعد ذلك، في أواخر عام 1186 م أو بداية عام 1187 م، هاجم رينو قافلة قادمة من القاهرة إلى دمشق ونهبها، وأسر أفرادها وأحضرهم إلى حصن الكرك.

ويقال أن القافلة كانت تنتمي لأخت صلاح الدين بالذات.

ولم يكن لدى صلاح الدين خيار آخر سوى المطالبة بتعويض من ملك القدس آنذاك غي دي لوزينيان وإطلاق سراح الأسرى ومحاسبة الناهب، ولكن الملك لم يتخذ إجراءات ضد رينو بسبب قوته وتأثيره الكبير.

ولذلك، قرر صلاح الدين إعلان الحرب على مملكة القدس، ولكن مرضه أجل بدء القتال في ذلك العام.

العمليات العسكرية قبل المعركة:

تم السعي في تلك العمليات لتوحيد المسلمين، حيث استخدمت الإقناع واللين في بعض الأحيان، والقوة في بعض الأحيان الأخرى لتحقيق هذا الهدف.

في البداية، اجتاحت قواته مناطق قلعتي الكرك وكراك دي مونريال في الربيع الباكر من عام 1187 م، وبعد شهرين بدأ القتال ضد الصليبيين.

أعلن صلاح الدين عن فتح باب التطوع في مصر لمحاربة الصليبيين، وأرسل مراسليه لطلب الدعم من الموصل والجزيرة والشام.

تم تجميع قوات كبيرة من الخلافة الإسلامية من مصر ودمشق، بما في ذلك عسكر الحلقة، وتم تعيين ابنه الملك الأفضل كقائد للقوات.

تجمعت قواته في بصرى، وكانت تضم حوالي 12000 فارس و 13000 مشاة ورجال احتياط وعدد كبير من المتطوعين.

سارت القوات بعد ذلك إلى الكرك، حيث أخذ صلاح الدين قيادة القلب، وأعطى ابن أخيه تقى الدين عمر قيادة الميمنة، ومظفر الدين كوكبرى قيادة الميسرة.

خرج الحاجب لؤلؤ بالأسطول من مصر، وخرج الملك العادل من القاهرة إلى بركة الجبل، وسار إلى الكرك ليلتقي بالسلطان.

في الجانب الآخر، حشد الصليبيون 22000 فارس ورجل، وانضم إليهم عدد كبير من المتطوعين، حيث يقال أنهم تجاوزوا الستين ألفًا.

وفي شهر مايو/أيار عام 1187، تعرضت فصيلة كبيرة من الفرسان الصليبيين للهزيمة شمال شرق الناصرة.

ولقي الأستاذ الأكبر لجمعية الأوسبيتاليين، روجيه دي مولان، حتفه في هذه المعركة.

في اليوم التالي، تجاوزت جيوش المسلمين نهر الأردن جنوب طبريا وتقدمت إلى تل كفر سبت (كفر سبيت) الواقع في الجانب الجنوبي الغربي من طبريا، حيث حاولت الاشتباك مع الصليبيين الذين رفضوا القتال.

وفي الثاني من يوليو من ذلك العام، تمكنت جيوش صلاح الدين المسلمة من السيطرة على طبرية، ما منع الصليبيين من الوصول إلى مصادر المياه.

أحداث معركة حطين:

نفذ المسلمون خلال المعركة خطوات عدة، فقد قاموا بحرق الأعشاب والشجيرات في ساحة المعركة واستولوا على عيون الماء بهدف إرباك الصليبيين وتعطيشهم لجعلهم ينزلون للتعامل معهم.

عند وصول الصليبيين إلى السهل بين لوبيا وحطين، شن صلاح الدين هجومًا عليهم وفروا إلى تلال حطين، وقامت قوات المسلمين بحصار التلال.

انتهى القتال في اليوم التالي، حيث شنت معركة حطين في ظروف جوية شديدة الحرارة ونقص في مياه الشرب.

أثناء المعركة، حاول الفرسان الصليبيون الدفاع عن أنفسهم عندما قام جيوش المسلمين بالهجوم عليهم،

ولكنهم لم يتمكنوا من تحمل الضغط وسقطوا بأعداد كبيرة، حتى استسلم الآلاف منهم.

قامت قوات المسلمين بمهاجمة الصليبيين باستخدام السيوف والرماح، وأسفرت المعركة عن وفاة وجرح العديد واستسلام الألوف من الصليبيين.

وقام الصليبيون بمناورة للتغلب على قوة صلاح الدين، ولكنهم فشلوا في ذلك وانهزموا.

استمرت المعركة لمدة سبع ساعات متواصلة، وسقط الآلاف بين الجرحى والقتلى،

وتم أسر الملك غي دي لوزينيان ملك القدس والعديد من القادة والبارونات،

في حين فروا القليل من الصليبيين إلى صور واحتموا وراء أسوارها.

نتائج المعركة:

في معركة حطين، خسر الصليبيون العديد من فرسانهم المميزين وقُتل عدد كبير من جنودهم

وتم أسر أيضًا عدد كبير منهم. ونتيجة لهذه الهزيمة الكارثية، أصبح بيت المقدس تحت قبضة صلاح الدين.

وكان من بين الأسرى ملك بيت المقدس و150 فارسًا،

بما في ذلك رينو دي شاتيون، صاحب حصن الكرك، وكبار قادة الصليبيين الآخرين.

قام صلاح الدين باستقبالهم بشكل حسن وأمر بإعطائهم الماء المثلج، لكنه لم يعط أرناط (حاكم الكرك) الماء.

وعندما شرب ملك بيت المقدس الماء، أعطى أرناط ما تبقى منه، مما أثار غضب صلاح الدين الذي قرر إعدامه بعد أن رفض الإستسلام.

وقبل ذلك ذكره بأفعاله الشنيعة في الماضي وقام بضرب عنقه.

بعد انتهاء المعركة، دخلت قوات صلاح الدين وأخيه الملك العادل المدن الساحلية جنوب طرابلس

بما في ذلك عكا وبيروت وصيدا ويافا وقيسارية وعسقلان.

وقطعت الاتصالات بين مملكة القدس اللاتينية وأوروبا، كما استولت على معظم قلاع الصليبيين جنوب طبرية، باستثناء الكرك وكراك دي مونريال.

في النصف الثاني من سبتمبر 1187، حاصرت قوات صلاح الدين القدس ولم يستطع حاميتها الصغيرة التصدي للضغط الذي واجهته من 60 ألف رجل، واستسلمت بعد ستة أيام.

وفي الثاني من أكتوبر 1187، فتحت قوات صلاح الدين الأبواب ورُفعت راية السلطان الصفراء فوق القدس.

في نوفمبر 1188، استسلمت حامية الكرك، وفي أبريل ومايو 1189، استسلمت حامية كراك دي مونريال. وكان حصن بلفور آخر حصن يسقط.

منذ ذلك الحين، تمتلك صلاح الدين معظم مملكة القدس اللاتينية، وبقيت للصليبيين مدينتي صور وطرابلس وبضعة استحكامات وحصن كراك دي شيفاليه (قلعة الحصن) في شرق طرطوس.

سقوط مملكة القدس دفع بابا روما إلى دعوة الناس للتحضير لحملة صليبية ثالثة، والتي بدأت عام 1189م.

وتعامل صلاح الدين مع سكان القدس بطريقة أكثر إنسانية ولطفًا بكثير من غزاة الصليبيين

الذين قتلوا الآلاف من أهالي المدينة قبل ما يقرب من مئة عام.

وقد قدر صلاح الدين حياة الناس ولم يلحق أي دمار بالمدينة، كما سمح للسكان بمغادرتها في غضون 40 يومًا

بعد دفع فدية تبلغ 10 دنانير ذهبية لكل رجل و 5 دنانير لكل امرأة ودينار واحد لكل طفل.

ولقد أظهر صلاح الدين تسامحًا كبيرًا تجاه الفقراء من الصليبيين الذين لم يتمكنوا من دفع الفدية.

لمعرفة المزيد عن معركة حطين إضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى