إسلاميات

معتقدات مذهب اهل السنة والجماعة في اسماء الله وصفاته: أتعرفها؟

المقدمة

تعرف على معتقدات اهل السنة والجماعة في اسماء الله وصفاته

إن من أجل مسائل العقيدة التي يجب على المسلم معرفتها وإيمانها، مسألة معتقدات اهل السنة والجماعة في اسماء الله تعالى وصفاته، فإن الله سبحانه وتعالى قد أثنى على نفسه بأسماء حسنى، ووصف نفسه بصفات كاملة، في كتابه الكريم وفي سنة نبيه الشريفة، لتعظيم قدره وتوحيد عبادته وتقريب معرفته إلى قلوب المؤمنين، وقد اختلف المسلمون في فهم هذه الأسماء والصفات، وكان من ذلك خلافات وانحرافات، كما ظهرت فرق وأطوار، من جهة التشبيه والتجسيم، أو من جهة التعطيل والتأويل، كما كان أهل السنة والجماعة هم المحافظون على منهج القرآن والسنة في هذا الباب، فاتبعوا طريقة التثبيت والتفويض، بلا تكييف ولا تشبيه.

وقد جاء هذا المقال في موقع وثائقيه لبيان مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته، من حيث التعريف بها، وأدلتها، وأصولها، وأثارها. كما يبين المقال موقف أهل السنة من المخالفين في هذا الموضوع، من جهة التشبيه أو التعطيل. ويرجى من الله تعالى أن يجعل هذا المقال نافعًا لطالب الحق، ودافعًا عن دين الإسلام.

تعريف أسماء الله وصفاته وأدلتها من القرآن والسنة

مفهوم أسماء الله وصفاته، وأنواعها، وأدلتها من القرآن والسنة عند أهل السنة والجماعة.

مفهوم أسماء الله وصفاته

أسماء الله هي الكلمات التي يسمي بها الله نفسه، أو يسميه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، أو يسميه بها المؤمنون بإذنه. وصفات الله هي الكلمات التي توصف بها ذات الله، أو أفعاله، أو صفات كماله. والأسماء والصفات متلازمان، فكل اسم يدل على صفة، وكل صفة تحتاج إلى اسم. والأسماء والصفات تدل على معانٍ حقيقية لا مجازية، فالله تعالى لا يشبه خلقه في شيء.

أنواع أسماء الله وصفاته

يمكن تقسيم أسماء الله وصفاته إلى ثلاثة أنواع:

1- أسماء وصفات ذاتية: هي التي تدل على ذات الله تعالى، كالحي، القيوم، الأول، الآخر.
2- أسماء وصفات فعلية: هي التي تدل على أفعال الله تعالى، كالخالق، الرازق، المحيي، المميت.
3- أسماء وصفات كمالية: هي التي تدل على صفات كمال الله تعالى، كالرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم.

أدلة أسماء الله وصفاته من القرآن

قد ذكر القرآن الكريم بعض أسماء الله وصفاته في آيات متعددة، منها:

1- قوله تعالى: {وَلِلَّـهِ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِہَاۖ وَذَرُوا۟ ٱلَّذِینَ یُلْحِدُونَ فِیۤ أَسْمَآئِہِۦۚ سَیُجْزَوْنَ مَا كَانُوا۟ یَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180].
2- قوله تعالى: {ھُوَ ٱلْأَوَّلُ وَٱلْءَاخِرُ وَٱلظَّـٰھِرُ وَٱلْبَاطِنُۖ وَھُوَ بِكُلِّ شَیْءٍ عَلِیمٌ} [الحديد: 3].
3- قوله تعالى: {إِنَّ رَبِّی عَلَىٰ كُلِّ شَیْءٍ حَفِیظٌ} [هود: 57].
4- قوله تعالى: {وَھُوَ ٱلْقَاھِرُ فَوْقَ عِبَادِهِۦۖ وَیُرْسِلُ عَلَیْكُمْ حَفَظَةً حَتَّىٰۤ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَھُمْ لَا یُفَرِّطُونَ} [الأنعام: 61].

أدلة أسماء الله وصفاته من السنة

قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أسماء الله وصفاته في أحاديث متعددة، منها:

1- قوله صلى الله عليه وسلم: “اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام” [رواه مسلم].

2- قوله صلى الله عليه وسلم: “لا يقبض الله العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا” [رواه البخاري].

معتقدات أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته

أهل السنة والجماعة يعتقدون في أسماء الله وصفاته أربعة أمور:

التوحيد

أن الله تعالى لا شريك له ولا مثيل له ولا نظير له في أسمائه وصفاته. فلا يشاركه أحد فيها إلا بإذنه، ولا يشبه بخلقه فيها، ولا يضاهى بخلقه فيها.

التفويض

أن الله تعالى هو الذي يعلم كيفية ذاته وصفاته، فلا نحرف معاني الأسماء والصفات عن ما دلت عليه الشريعة. ولا نزيل من كتاب الله أو سنة رسوله ما جاء به من أسماء وصفات. ولا نحدد لذات الله أو صفاته شكلاً أو حجماً أو جانباً، ولا نقارن صفات الخالق بصفات المخلوق.

التثبيت

أن الله تعالى قد أخبر عن نفسه بأسمائه وصفاته في كتابه وسنة رسوله، فلا ننكر ما أثبته الله لنفسه، ولا نزيد على ما أثبته الله لنفسه، ولا نشرط على ما أثبته الله لنفسه، ولا نحكم على ما أثبته الله لنفسه.

التنزيه

أن اللَّٰه سبحانه وتعالى تعالى عن كل ما لا يليق به من صفات الخلق، فلا نشبِّہہ بخلقہ في شيء من أسمائہ أو صفاتہ، ولا نضعفہ بخلقہ في شيء من أسمائہ أو صفاتہ، ولا نحدودہ بخلقہ في شيء من أسمائہ أو صفاتہ، ولا نقاس على اللَّٰہ بخلقہ في شيء من أسمائہ أو صفاتہ.

مصادر منهجية أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته

أهل السنة والجماعة هم الذين يتبعون القرآن والسنة وإجماع الصحابة والتابعين في معرفة أسماء الله وصفاته، ويؤمنون بكل ما ورد في الكتاب والسنة من ذلك بلا تحريف أو تعطيل أو تمثيل أو تكييف. ومن مصادرهم المنهجية في هذا الموضوع ما يلي:

القرآن الكريم

هو كلام الله المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أول مصدر للتعرف على أسماء الله وصفاته، ففيه ذكر لأسمائه الحسنى التي تدل على جمال ذاته وكمال صفاته، وفيه أيضا ذكر لصفاته التي تبين عظمته وقدرته وحكمته ورحمته. كما أن القرآن يدعو إلى التوحيد والإخلاص في عبادة الله بأسمائه وصفاته، ويحذر من الشرك والبدعة في ذلك.

السنة النبوية

هي كل ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، وهي ثاني مصدر للتعرف على أسماء الله وصفاته، ففيها تفسير لما جاء في القرآن من ذلك، وبيان لما يجب على المؤمن فعله بها، كالدعاء والذكر والتسبيح وغير ذلك، كما أن السنة تشير إلى معاني أسماء الله وصفاته، وتوضح كيفية التعامل معها في العقيدة والشريعة والأخلاق.

إجماع الصحابة

هو ما اتفق عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور الدين، وهو ثالث مصدر للتعرف على أسماء الله وصفاته، فإن الصحابة هم خير من رأى هذا الدين، وأدق من فهمه، وأوفى من نقله، كما شاهدوا نزول القرآن، وسمعوا تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسمائه وصفاته، واتبعوا سيرته في التعبد بها، فإجماع الصحابة يشكل حجة قطعية في مسائل أسماء الله وصفاته، ولا يجوز لأحد أن يخالفه في ذلك.

أثر التابعين

هو ما رواه التابعون من أقوال وأفعال الصحابة، وهو رابع مصدر للتعرف على أسماء الله وصفاته، فإن التابعين هم من تلقوا العلم من الصحابة، ونقلوه إلى الأجيال اللاحقة، وهم أهل العلم والفقه والتقوى. فأثر التابعين يعتبر دليلا شرعيا في مسائل أسماء الله وصفاته، كما لا يجوز لأحد أن ينكره أو يجحده.

موقف أهل السنة والجماعة من المخالفين في أسماء الله وصفاته

موقف أهل السنة والجماعة من المخالفين في أسماء الله تعالى وصفاته، من جهة التشبيه أو التعطيل.

المجسمة والتشبيه

  • المجسمة هي الفرقة التي تجسم الله تعالى، بأن تزعم أن له جسمًا محدودًا، متكونًا من أجزاء وأعضاء، متحركًا ومتغيرًا.
  • ‏التشبيه هو الاتجاه الذي يشبه الله تعالى بخلقه، بأن يقول أن له صورة أو شكلاً، أو أن له صفات مشتركة مع خلقه.
  • ‏أهل السنة والجماعة يبرئون الله تعالى من هذين الزيغين، ويقولون: {لَیْسَ كَمِثْلِهِۦ شَیْءٌۖ وَھُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلْبَصِیرُ} [الشورى: 11].

التعطيل والتأويل

  • التعطيل هو الفرقة التي تنكر ما أثبته الله لنفسه من أسمائه وصفاته، وتنفي معانيها الحقيقية، وتجحد كيفيتها بحجة التنزيه عن الشبهات.
  • ‏التأويل هو الاتجاه الذي يفسر أسماء الله تعالى وصفاته بما لا يوافق مراد الله، ويضع في أذهانهم معانٍ غير صحيحة.
  • ‏أهل السنة والجماعة ينبذون هذين الضلالين، ويقولون: {أَمْ لَھُمْ شُرَكَآءُ شَرَعُوا۟ لَھُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا لَمْ یَأْذَنۢ بِهِ ٱللَّہُۚ} [الشورى: 21].

التكييف والتشكيك

  • التكييف هو الاتجاه الذي يكيف كيفية أسماء الله تعالى وصفاته، بأن يحدد طريقة وجودها أو عملها، أو يصور صورة لذات الله أو صفاته في خياله.
  • ‏التشكيك هو الاتجاه الذي يشكك في أسماء الله تعالى وصفاته، بأن يرمي بالشبهات والاستفهامات عليها، أو يطلب البرهان عليها، أو ينكر الإجماع عليها.
  • ‏أهل السنة والجماعة يحذرون من هذين الخطرين، ويقولون: {فَلَا تَزَغُ قُلُوبُنَا بَعْدَ إِذْ ھَدَیْتَنَا وَھَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَھَّابُ} [آل عمران: 8].

التجزئة والتحديد

  • التجزئة هي الفرقة التي تجزئ أسماء الله تعالى وصفاته، بأن تفصل بينها، أو تفضل بعضها على بعض، أو تخصص بعضها ببعض، أو تقسم بعضها إلى أقسام.
  • ‏التحديد هو الاتجاه الذي يحدد عدد أسماء الله تعالى وصفاته، بأن يزعم أن له حدًا معينًا، أو يحصره في عدد محدود، أو يقول أن له سرًا أو غيبًا.
  • ‏أهل السنة والجماعة يتبرؤون من هذين الضلالين، ويقولون: {وَلِلَّـهِ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِہَاۖ} [الأعراف: 180].

خاتمة

في هذا المقال، تناولنا موضوع معتقدات اهل السنة والجماعة في اسماء الله تعالى وصفاته، مُبيِّنين تعريفها، وأدلتها، وأصولها، وأثارها. كما أوضحنا موقف أهل السنة والجماعة من المخالفين في هذا الباب، سواء كانوا مشبهين أو معطلين. وقد استندنا في ذلك إلى الأدلة من القرآن والسنة، واتبعنا منهج السلف الصالح في فهم هذه المسائل. كما توصلنا إلى أن مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته هو مذهب التوحيد، والتفويض، والتثبيت، والتنزيه في أسماء الله تعالى وصفاته. وقد برهنا على أن هذا هو المنهج الصحيح والوسطي في فهم هذه المسائل، وأن كل ما خالفه فهو ضلال وبدعة. ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على هذا المنهج، وأن يجعلنا من أهل السنة والجماعة، وأن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن. والحمد لله رب العالمين.

المراجع والمصادر

  • ابن تيمية، مجموع الفتاوى، دار الوفاء، 2005.
  • ابن قيم الجوزية، بدائع التفسير، دار ابن جوزي، 2003.
  • الأشعري، مقالات الإسلاميين، دار الكتب العلمية، 1990.
  • الطحاوي، عقيدة الطحاوية، دار الحديث، 2006.
  • الماوردي، أسماء الله وصفاته في ضوء الكتاب والسنة، دار القلم، 1997.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى