لماذا سمي عبد الله بن عبد المطلب بالذبيح؟

مقدمة
تعرف لماذا سمي عبد الله بن عبد المطلب بالذبيح؟
عبد الله بن عبد المطلب هو والد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وزوج آمنة بنت وهب. وقد لقب بالذبيح لأن أباه عبد المطلب نذر أن يذبح أحد أولاده إذا تمت له عشرة، فوقع السهم على عبد الله، ففدي بمائة من الإبل. وفي هذا المقال سنتناول معكم في موقع وثائقيه تاريخ حياته ونسبه وسيرته، كما سنستعرض الأدلة والروايات التي تثبت صحة هذا اللقب، وسنرد على بعض الشبهات والانتقادات التي طرحت حوله.
نسب عبد الله بن عبد المطلب
نسب عبد الله بن عبد المطلب هو: عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي. والده: عبد المطلب اسمه شيبة الحمد، كما كان سيّدًا من سادات قريش. والدته: فاطمة بنت عمرو بن مخزوم. وكان لعبد المطلب من الأولاد ثلاثة عشر اثنى عشر ذكرًا وأُختًا، وكان أصغرهم هو عبد الله.
حياة عبد الله بن عبد المطلب
ولد عبد الله بن عبد المطلب في مكة المكرمة، ونشأ في بيت أبيه الذي كان يحظى بمكانة عالية في قريش. كما كان عبد الله شابًا حسن الخلق والمنظر، وأحبه أبوه كثيرًا، وأولى به من سائر إخوته. كما تزوج عبد الله من آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وكانت من نساء قريش الفاضلات. وقد أعطاه أبوه مهر زواجه ستين ناقة. وفي ليلة زفافه رأى عبد الله حلمًا عجيبًا، فقال لآمنة: “إني رأيت في المنام نورًا خرج من صدري، فأضاء له الأفق، ثم انطلق إلى الشام”. وقد تفسر هذا الحلم بأنه إشارة إلى نور النبوة التي ستولد من نسله.
وبعد زواجه بفترة قصيرة، خرج عبد الله في رحلة تجارية إلى الشام مع قافلة من قريش. وفي طريق العودة، مر على المدينة المنورة، التي كانت تسمى يثرب في ذلك الوقت. وفيها سكن عمومته نويلة بنت عبد المطلب، التي كانت متزوجة من مالك بن النجار. فأقام عندها لزيارتها، وأصابته حمى شديدة، فمكث مريضًا. و عندما عادت قافلة قريش إلى مكة، أخبروا عبد المطلب بحال ابنه، فأرسل إليه حارثًا ابنه ليرعاه ويعود به. لكن عبد الله توفي قبل أن يصل إليه أخوه، ودفن في دار النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة. ولم يتجاوز عمره الثامنة عشرة، وقد حملت به آمنة منذ شهرين مضيا.
لماذا سمي عبد الله بن عبد المطلب بالذبيح
وهنا نأتي لماذا سمي عبد الله بن عبد المطلب بالذبيح. والذبيح هو الذي يذبح لله تعالى أو لغيره من الأصنام أو الأنداد. وقد روي عن عبد المطلب أنه نذر أن يذبح أحد أولاده إذا تمت له عشرة، فلما تمت له عشرة، استخار الله بالقرعة، فوقع السهم على عبد الله، وكان أحب أولاده إليه. فتردد في قتله، واستشار قومه، فقالوا له: اذهب إلى كاهنة تسمى سعدة بنت زيد من بني سعد، فاسألها ما تأمرك. فذهب إليها، وأخبرها بنذره وقرعته. فسألته: أما لك نوق تسير في الأرض؟ فأجاب: بلى. فقالت: وكم تقدم من المهر لتزوج امرأة؟ فقال: عشرة من النوق السمان. قالت: فاجعل بين ابنك وبين الإبل قرعة، فإن وقع السهم على ابنك، فزدها عشرًا، حتى تصير مائة، فإن وقع على المائة، ففدي ابنك بها، وإن وقع على ابنك بعد ذلك، فإن الله يريد دم ابنك.
ففعل عبد المطلب كما أمرته الكاهنة، فجعل بين ابنه وبين الإبل قرعة، فوقع السهم على ابنه. فزاد في الإبل عشرًا، حتى صارت مائة. ثم جعل بينه وبين الإبل قرعة ثانية، فوقع السهم على الإبل. ففرح عبد المطلب بهذا الفداء، وشكر الله تعالى. ثم أخذ المائة ناقة، وذبحها جميعًا في مكان يسمى ذي مجاز. كما سُمِّيَ عبد الله بن عبد المطلب – والد النبي محمد صلى الله عليه وسلم – بالذبيح لأن أباه نذر أن ينحر أحد أولاده عشرة إذا تموا له، فوقع القرعة عليه، ولولا أن قريش وأخواله منعوه وأشارت له امرأة بالفداء بالإبل لذبحه عند الكعبة. وقد روى هذه القصة جابر بن عبد الله وابن عباس وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم، وذكرت في كتب السيرة النبوية.
رد الشبهات حول حديث الذبيح
وقد انتقد بعض المستشرقين والمشككين هذا الحديث، وزعموا أنه موضوع أو مختلط أو متناقض أو مستبعد. وقد رد عليهم بعض العلماء والمؤرخين بالأدلة والبراهين، وبينوا أن هذا الحديث صحيح وثابت ومتواتر، وأنه لا يخالف العقل ولا الشرع. ومن هؤلاء العلماء: الإمام ابن كثير، والشيخ محمد رشيد رضا، والدكتور علي الصلابي، وغيرهم. ومن أهم حججهم:
أن هذا الحديث مروي بأسانيد صحيحة في كتب السيرة والتاريخ والمغازي والتفسير، كسيرة ابن هشام، وتاريخ الطبري، والبداية والنهاية، والكامل في التاريخ، وغيرها. وقد اتفق على صحته المسلمون من كل المذاهب، سواء أهل السنة أو الشيعة.
أن هذا الحديث لا ينافي توحيد عبد المطلب، فإنه كان من حنفاء قريش، الذين لم يعبدوا الأصنام، بل كانوا يؤمنون بالله تعالى، لكنهم كانوا يتبعون بعض العادات الجاهلية .
خاتمة
في هذا المقال تحدثنا عن حياة عبد الله بن عبد المطلب، والده النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وبيَّنَّا سبب تسميته بالذبيح، وهو أن أباه نذر أن يذبح أحد أولاده إذا تمت له عشرة، ففدي بالإبل. كما قدمنا البراهين التاريخية والروائية التي تثبت صحة هذا الحديث الشريف. وأجبنا على بعض الشبهات والمعارضات التي أثيرت في هذا الشأن. نسأل الله تعالى أن يجزى عبد المطلب خيرًا على فضيلته وجوده، وأن يجزى عبد الله خيرًا على نوره وبركته، وأن يجزى النبي محمد صلى الله عليه وسلم خيرًا على رسالته ودعوته. والحمد لله رب العالمين.
المصادر والمراجع
: سيرة ابن هشام، ج 1، ص 117-118
: تاريخ الطبري، ج 2، ص 125-126
: البداية والنهاية، ج 2، ص 258-259
: الكامل في التاريخ، ج 2، ص 62-63
: بحار الأنوار، ج 15، ص 311
: كامل الزيارات، ص 37
: مستدرك الوسائل، ج 15، ص 156
: الموسوعة الفقهية، ج 31، ص 271
: المغني في أصول الفقه، ج 1، ص 41
عبد الله بن عبد المطلب