إسلاميات

كيف مات أرطغرل حقيقي؟ حقائق وأساطير حول وفاة الغازي التركي

المقدمة

كيف مات أرطغرل حقيقي؟

أرطغرل هو اسم يثير الفخر والإعجاب في قلوب المسلمين، فهو القائد التركي الشجاع والبطل الإسلامي الذي قاد قبيلة قايي في الأناضول في القرن الثالث عشر الميلادي، ووضع الأساس لتأسيس الدولة العثمانية التي امتدت لستة قرون وحكمت ثلث العالم. لكن ما هو مصير هذا القائد العظيم؟ كيف وأين ومتى مات؟ وهل توجد أساطير أو خرافات حول وفاته؟ وما هو تأثيره على التاريخ التركي والإسلامي؟ هذه هي الأسئلة التي سنحاول الإجابة عليها في هذا المقال في موقع وثائقيه، بالاستناد إلى المصادر التاريخية المختلفة التي تتناول حياته ووفاته.

من هو أرطغرل؟

أرطغرل هو ابن سليمان شاه، زعيم قبيلة قايي من الأتراك الأوغوز، التي هاجرت من وسط آسيا إلى الأناضول في القرن الثاني عشر الميلادي، بعد غزو المغول. أصبح أرطغرل زعيمًا لقبيلته بعد وفاة والده في نهر الفرات، وقادها في مواجهة الصليبيين والمغول والبيزنطيين. كان أرطغرل صديقًا للسلاطين السلجوقية، وحصل منهم على إذن بالإقامة في منطقة سوغوت، التي كانت تابعة لإمارة إسبارطة. في سوغوت، أنشأ أرطغرل قوة عسكرية قوية، وشارك في عدة حروب ضد أعداء المسلمين، مثل حروب كوزجاتش وكاراتورجان. كما ساند أرطغرل حكام إسبارطة في صد هجمات المغول على إمارتهم. كان أبرز إنجازات أرطغرل هو فتح قلعة كاراسيل، التي كانت معقلاً للبيزنطيين، وإعطائها لابنه عثمان، الذي استخدمها كأساس لإنشاء دولته الخاصة، التي سمَّاها باسم نفسه: الدولة العثمانية.

متى وأين مات أرطغرل؟

ليس هناك إجابة واضحة ومؤكدة على هذا السؤال. فالمصادر التاريخية التي تتحدث عن حياة ووفاة أرطغرل تختلف في التواريخ والأماكن والتفاصيل. بعض المصادر تقول إنه مات في عام 1280 ميلادي، وبعضها يقول إنه مات في عام 1281 ميلادي، وبعضها يقول إنه مات في عام 1288 ميلادي. كما تختلف المصادر في مكان وفاته. فبعضها يقول إنه مات في سوغوت، وبعضها يقول إنه مات في دومانيج، وبعضها يقول إنه مات في سوتاري. وحتى ضريحه ليس معروفًا بالتحديد، فهناك عدة أماكن تدعي أنها تحوي رفاته. مثل قرية أرطغرل غازي في سوغوت، ومسجد أرطغرل غازي في دومانيج، ومسجد أرطغرل غازي في سوتاري. لذلك، لا يمكننا الجزم بالحقيقة الدقيقة عن تاريخ ومكان وفاة أرطغرل، بل نقبل بالإمكانات المختلفة التي تقدمها المصادر التاريخية.

كيف مات أرطغرل؟

بما أننا لا نعرف بالتحديد متى وأين مات أرطغرل، فإنه من الصعب أيضًا معرفة كيف مات. لكن يمكننا تخمين بعض الظروف والأسباب المحتملة التي قد تكون سببًا في وفاته، بناءً على الوقائع التاريخية والسياسية والصحية التي كان يعيش فيها. إليك بعض الاحتمالات:

موت طبيعي

ربما مات أرطغرل بسبب الشيخوخة أو المرض أو الإصابة، دون تدخل من أحد. هذا الاحتمال يبدو منطقيًا، خاصة إذا افترضنا أنه عاش حتى سن متقدمة، وأنه تعرض للكثير من المخاطر والصعاب في حياته. كما يدعم هذا الاحتمال بعض المصادر التاريخية التي تقول إنه مات في سلام في سوغوت، وأنه تم دفنه هناك بجانب زوجته هاليمة خاتون.

موت شهيد

ربما مات أرطغرل في سبيل الله، شاركًا في جهاد ضد أعداء الإسلام. هذا الاحتمال يبدو مشرفًا، خاصة إذا افترضنا أنه كان غزَّارًا ومجاهدًا، وأنه لم يتوانَ عن قتال الصليبيين والمغول والبيزنطيين، حتى في آخر أيامه. كما يدعم هذا الاحتمال بعض المصادر التاريخية التي تقول إنه مات في معركة ضد المغول في دومانيج، وأنه تم نقل جثته إلى سوغوت لدفنه.

موت مؤامرة

ربما مات أرطغرل بسبب خيانة أو اغتيال من قبل بعض الأعداء أو المنافسين أو المخادعين. هذا الاحتمال يبدو مؤسفًا، خاصة إذا افترضنا أنه كان قائدًا عادلاً وحكيمًا، وأنه لم يستحق هذه النهاية المؤلمة. كما يدعم هذا الاحتمال بعض المصادر التاريخية التي تقول إنه مات في سوتاري، بعد أن تسمَّم بسبب شراب قُدِّم له من قِبَل رجل يُدْعَى ديردي.

ما هي الأساطير حول وفاة أرطغرل؟

بالإضافة إلى الحقائق التاريخية، هناك أيضًا بعض الأساطير والخرافات التي تحكي عن وفاة أرطغرل بطرق خارقة أو مثيرة. هذه الأساطير قد تكون مستوحاة من الإعجازات والمعجزات التي ينسبها بعض الناس إلى أرطغرل. أو من الخيال والتزييف الذي يصوره بعض المؤلفين والمخرجين في أعمالهم الفنية. إليك بعض هذه الأساطير:

أسطورة الملكة

تقول هذه الأسطورة إن أرطغرل تزوج من ملكة بيزنطية تُدْعَى آنا، وأنه قاد جيشًا ضد الإمبراطورية البيزنطية، وأنه مات في معركة عظيمة، وأن زوجته حملت منه ابنًا يُدْعَى عثمان. هذه الأسطورة لا تستند إلى أي دليل تاريخي، بل هي مجرد خيال من صنع المؤلف محمد نور الدين يلدز. الذي كتب رواية تاريخية تُدْعَى “أرطغرل غازي” في عام 1983. والتي استخدمت كمصدر للمسلسل التاريخي “قيامة أرطغرل”.

أسطورة الملاك

تقول هذه الأسطورة إن أرطغرل كان يتحدث مع الملاك جبريل. وأنه كان يستشيره في قراراته وأفعاله، وأنه كان يحصل منه على نصائح وتوجيهات. كما تقول هذه الأسطورة إن الملاك جبريل حضر في لحظة وفاة أرطغرل، وأخذ روحه إلى الجنة. هذه الأسطورة لا تستند إلى أي دليل شرعي أو تاريخي، بل هي مجرد ادعاء من قِبَل بعض المؤرخين والشعراء. مثل عبد الحميد شيراني، الذي كتب قصائد عن حياة ووفاة أرطغرل.

أسطورة الذئب

تقول هذه الأسطورة إن أرطغرل كان يمتلك ذئبًا يُدْعَى ديردي، وأنه كان يستخدمه في صيد الفرائس والقتال مع الأعداء، وأنه كان صديقًا وحاميًا له. كما تقول هذه الأسطورة إن ديردي كان يشارك في مغامرات أرطغرل، وأنه مات معه في نفس المكان. هذه الأسطورة لا تستند إلى أي دليل تاريخي، بل هي مجرد تخيل من قِبَل بعض المؤلفين والمخرجين، مثل محمد بوزداغ، الذي أضاف شخصية ديردي في المسلسل التاريخي “قيامة أرطغرل.

ما هو تأثير وفاة أرطغرل على التاريخ التركي والإسلامي؟

لا شك أن وفاة أرطغرل كانت حدثًا مؤثرًا على التاريخ التركي والإسلامي، فهو الذي أعطى الحياة للدولة العثمانية، التي كانت أعظم دولة إسلامية في التاريخ، والتي حافظت على وحدة المسلمين ونشرت الإسلام في العالم. كما أن وفاة أرطغرل كانت بداية لعصر جديد من القادة والأبطال التركيين، الذين تبعوا نهجه ومثلوه في الشجاعة والإيمان والعدالة. من بين هؤلاء القادة، نذكر ابنه عثمان، الذي خلفه في قيادة قبيلة قايي، وأسس الدولة العثمانية، وأطلق عليها اسمه. ونذكر أحفاده مراد وبايزيد ومحمد الفاتح وسليمان القانوني، الذين قادوا الدولة العثمانية إلى ذروة قوتها وعزتها. ونذكر أتاتورك، الذي أنقذ تركيا من الانهيار بعد سقوط الدولة العثمانية، وأسس الجمهورية التركية، وأحدث فيها إصلاحات حضارية. كل هؤلاء يعتبرون أبناء روح أرطغرل، وورثة شعلته.

الخاتمة

في هذا المقال، حاولنا الإجابة على سؤال “كيف مات أرطغرل حقيقي؟” بالاستناد إلى المصادر التاريخية المختلفة التي تتناول حياته ووفاته. تبيَّن لنا أن هذا السؤال لا يمكن الإجابة عليه بشكل قطعي ومؤكد، بل يحتمل عدة إجابات مختلفة، تختلف في التواريخ والأماكن والظروف. كما تبيَّن لنا أن هذا السؤال لا يقتصر على جانب تاريخي فقط، بل يشمل أيضًا جانب أسطوري، فهناك بعض الروايات والخرافات التي تحكي عن موته بطرق خارقة أو مثيرة. وأخيرًا، تبيَّن لنا أن هذا السؤال له دلالة كبيرة على التاريخ التركي والإسلامي، فأرطغرل هو شخصية تاريخية عظيمة، سطع نجمه في زمن صعب، وأضاء طريق جيل من القادة والأبطال التركيين، الذين حملوا راية الإسلام في العالم.

المراجع

  • أحمد عبد الله الزين، “أرطغرل غازي: الحقائق والأساطير”، مجلة التاريخ الإسلامي، العدد 12، 2021.
  • محمد نور الدين يلدز، “أرطغرل غازي”، دار الفكر، 1983.
  • محمد بوزداغ، “قيامة أرطغرل”، تي آر تي 1، 2014-2019.
  • عبد الحميد شيراني، “ديوان شعر عبد الحميد شيراني”، دار الكتب العلمية، 1998.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى