إسلاميات

كلمة عن مولد الرسول عليه الصلاة والسلام: تاريخه وفضائله وأحكامه

مقدمة

تعرف على كلمة عن مولد الرسول عليه الصلاة والسلام

إن من أجمل الأعياد التي يحتفل بها المسلمون في كل عام هو عيد المولد النبوي الشريف، وهو يوم ولادة خير خلق الله سبحانه وتعالى، سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، الذي بعثه الله رحمة للعالمين، وخاتمًا للأنبياء والمرسلين، وشفيعًا لأمته يوم القيامة.

ففي هذا اليوم تتجلى مشاعر المحبة والإخلاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتتضاعف من ذكر أخلاقه وآدابه وسيرته التي هي قدوة لكل مؤمن، وتتجدد من التزاماته بأوامره ونواهيه.

ولكن ما هو تاريخ مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وبأي حكمة اختاره الله لولادته؟ وكيف كان احتفاء المسلمون به في الماضي؟ وما هي فضائل هذا العيد؟ وأحكام احتفال به؟ هذا ما سنحاول معكم في موقع وثائقيه توضيحه في هذا المقال.

تاريخ مولد الرسول صلى الله عليه وسلم

لا شك أن مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من أعظم الأحداث التي شهدها التاريخ، وكما اتفق المؤرخون على أنه وُلِد في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، وكان ذلك في عام 571 ميلادية، والمعروف بعام الفيل.

وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن فضل يوم مولده، فقال: “أنا أول من تشق منه الأرض يوم القيامة، وأنا أول شافع وأول مشفع، وأنا أول من يزحزح عنه القبر، وأنا أول من يدخل الجنة، وأنا أول نبي خُلِقَ وآخر بُعِثَ”.

وكما كان مولد النبي صلى الله عليه وسلم مصحوبًا بعلامات كبرى تشير إلى قدرته سبحانه وتعالى، وإلى شرف مكان ميلاده. ففي ذلك العام حدثت قصة الفيل التي ذكرها القرآن في سورة الفيل، حيث حاول أبرهة الملك الحبشي هدم الكعبة المشرفة بجيش من الفيلة. فأرسل الله عليهم طيرًا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول. بالتالي كانت هذه حادثة عظيمة تُظهِر حفظ الله لبيته المقدس، وتُكرِّم مكة المكرمة التي اختارها لتكون موطنًا لخاتم الأنبياء.

فضائل مولد الرسول صلى الله عليه وسلم

من نعم الله على عباده أن أنعم عليهم بمولد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جاء بالهدى والرحمة والبشرى لكل من سار على نهجه. وفي هذا المولد الشريف فوائد وعِبر كثيرة، من أهمها:

  • أنه يذكرنا بتكميل الله لنعمته علينا بإتمام الدين، فقال تعالى في يوم عرفة من عام الوداع: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} . كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثٍ رواه مسلم: “إن الله اختارني واختار لي الإسلام دينًا” .
  • أنه يذكرنا ببدء رسالة الإسلام، التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتحقيق مقصد الخلق، وهو عبادة الله وحده. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثٍ رواه البخاري: “بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتين” وقرن بين السبابة والوسطى .
  • أنه يذكرنا بحبِّ الله لرسوله، وفضيلته على سائر المخلوقات. كما قال تعالى في سورة الأحزاب: {إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثٍ رواه الترمذي: “إن الله اصطفاني من بني آدم، واصطفى مني قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم” .
  • أنه يذكرنا بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته في يوم الحساب، وأنه هو الذي ينال مقام المحمود الذي يحسد عليه كل نبي ورسول. كما قال تعالى في سورة الإسراء: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثٍ رواه مسلم: “أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، ولا فخر، وبيدي لواء الحمد، ولا فخر، وما من نبيٍّ أو مُرْسَلٍ إلا تحت لوائي يوم القيامة، وأنا أول من تنشق عنه الأرض” .

أحكام الإحتفال بالمولد النبوي

هذا الموضوع من المواضيع التي اختلف فيها علماء الإسلام، وظهرت فيه ثلاثة أقوال مختلفة:

القول الأول:

أن الاحتفال بميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من سنته المتبعة، وإنما هو من البدع المضافة إلى الدين. لم يقم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أحد من خلفائه المنصفين، ولا أصحابه المرضيين.

كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرم يوم مولده بالصوم، لأنه يوم نزول الوحي عليه.

كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى: “إن حب رسول الله ﷺ لا يتجلى بالتمسك ببدعة لا يحبها ولا يشرعها. وإنما يتجلى بالاتباع لسنته التي أوصى بها ورضيها”.

القول الثاني:

أن الاحياء لذكرى ميلاد نبي الله صلى الله عليه وسلم هو من السنن المحمودة في الشريعة. لأن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد دعا إلى إظهار الحب والسرور بمناسبة مولده.

كما قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل شعبان قال: “اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ”. وكما ثبت أن بعض الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يحتفون بمولده.

كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كان أصحاب رسول الله يجتمعون في كل سنة في يوم مولده، فيقرءون القرآن ويذكرون فضائله ويصلون عليه.

القول الثالث:

أن الاحتفال بذكرى مولد خير البرية صلى الله عليه وسلم ليس من البدع المحرمة في الشريعة. كما أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نهيٌ عن ذلك، ولا دليلٌ شرعيٌ يقطع بتحريمه.

شريطة ألا يخالط ذلك ما يخالف شرع الإسلام من المحرمات والشبهات، كالغناء والرقص والخمر والزخرفة والإسراف.

الخاتمة

أيها المؤمنون الأحبة. لقد اختار الله تعالى هذا اليوم المبارك ليكون شاهدًا على ميلاد أشرف المرسلين وأحب الأنبياء إلى قلوبنا. كما أضاء الله بهذه المناسبة العظيمة طريق الهدى والسلام للبشرية جمعاء. كما أسعد الله بهذا الخير الجزيل كل من اتبع سنته وأحيا شريعته. فلنجعل هذه اللحظة فرصة لتجديد عهدنا وولائنا وطاعتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. كما نستفيد من تعاليمه وسيرته وأخلاقه، ولنكثر من الصلاة عليه والسلام عليه. فإن ذلك يجلب لنا البركة والفضيلة في الدنيا والآخرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى