إسلاميات

قصة نبي الله يونس: كيف تغلب على اليأس والظلمة بالتوكل والدعاء

المقدمة

تعرف على قصة نبي الله يونس

قصة نبي الله يونس عليه السلام هي واحدة من أروع قصص الأنبياء التي تحمل في طياتها العديد من العبر والفوائد للمؤمنين. ففي هذه القصة نرى كيف بعث الله يونس عليه السلام إلى قوم كانوا يعبدون الأصنام ويجحدون ربهم، وكيف تركهم غاضباً بعد أن كذبوه وأصروا على ضلالهم، وكيف أخذته السفينة إلى عرض البحر، وكيف ألقى بنفسه في الماء، وكيف ابتلعه حوت عظيم بأمر من الله، وكيف دعا ربه في ظلمات البحر، وكيف استجاب له وأخرجه من بطن الحوت، وكيف رجع إلى قومه فوجدهم مؤمنين بالله، وكيف أنعم عليه وعلى قومه حتى حين.

في هذا المقال سنتعرض لتفاصيل هذه القصة المثيرة، وسنستخرج منها الدروس والحكم التي تنير لنا طريق الإيمان والتوكل على الله. سنحاول أن نقدم لكم في موقع وثائقيه قصة نبي الله يونس بأسلوب شيق وجذاب، مع مراعاة الموضوعية والدقة في نقل المعلومات. نأمل أن تستمتعوا بقراءة هذا المقال، وأن تستفيدوا من مضامينه.

دعوة يونس -عليه السلام- لقومه

كان قوم نبي الله يونس -عليه السلام- مشركين، يعبدون الأصنام من دون الله، وكان أشهر صنم لديهم هو عشتار، وهو إله الخصب والحب عند البابليين. فدعا يونس -عليه السلام- قومه إلى التوحيد والإيمان بالله وحده لا شريك له، وأخبرهم بأنّ الله سيرزقهم ويرحمهم إذا أطاعوه واتّبعوا رسوله. ولكن قوم يونس -عليه السلام- تجاهلوا دعوته، وكذّبوا برسالته، وأصروا على عبادة أصنامهم وأوثانهم.

خروجه من بين قومه

وقيل: إنّ دعوة يونس -عليه السلام- لقومه استغرقت ثلاثاً وثلاثين سنة، غير أنّ عدد المؤمنين معه لم يزد على رجلَيْن. فغضب يونس -عليه السلام- على قومه، وخرج من بينهم غاضباً، دون أن يستأذن ربَّه في ذلك.

خرج نبي الله يونس -عليه السلام- من نينوى، متوهّماً أنّ الله -تعالى- لن يقوم بمحاسبته على تخلّيه عن دعوة قومه؛ حيث بذل جهده في إرشادهم، فلم يستجيبوا له.

تغير حال قوم نينوي

وسرعان ما بدأ عذاب الله -تعالى- يظهر على قومه، فرأوا سحباً سوداء تغطي السماء، ودخاناً يحجب النور، وسطوحهم تسود. عندما رأوا ذلك، خافوا من غضب الله -تعالى- وندموا على كفرهم وعصيانهم لله تعالى، وطلبوا من يونس -عليه السلام- أن يشرح لهم كيفية التوبة والرجوع إلى الله -تعالى-، ولكنهم لم يجدوه بينهم.

فذهبوا وسألوا شيخاً حكيماً عما ينبغي أن يفعلوه، فأخبرهم بأنّهم يجب أن يجتمعوا جميعاً، ويخرجوا من مساكنهم إلى الصحراء، ويضعوا رماداً على رؤوسهم، ويلبسوا مسوحاً من الثياب، ويخضعوا لله -تعالى- بالدعاء والإستغفار.

ففعلوا ما أرشدهم إليه الشيخ الحكيم، وخرجوا جميعاً صغيرهم وكبيرهم، ذكورهم وإناثهم، حتي حيواناتهم، وقاموا في صفّ واحد، متضرّعين إلى الله -تعالى- أن يرحمهم ويرفع عنهم العذاب. فرأى الله -تعالى- توبتهم الصادقة، وغفر لهم ذنوبهم، وأزال عنهم الغمامة التي كانت تحيط بهم. وكان ذلك قبل أن يشهد يونس -عليه السلام- تغير حال قومه من الكفر إلى الإيمان.

ابتلاع الحوت ليونس -عليه السلام-

عندما ترك يونس -عليه السلام- قومه الذين كذبوه وأبوا أن يؤمنوا بربهم، سار في الأرض حتى وصل إلى ميناء، وركب سفينة مع أناس كثر. وكانت السفينة تجوب البحر، فإذا بها تصطدم بعاصفة شديدة، فتتمايل من جهة إلى أخرى، وتتكسر أجزاء منها. فارتعب الناس من أن تغرق السفينة ويهلكوا جميعاً. فقالوا: إن هذه العاصفة لم تأتِ عبثاً، بل هي غضب من الله على أحد فينا. فلنقم بالقرعة على من نلقيه في البحر، لعل الله يرحمنا ويسكن عنا هذه الريح.

فأخذ كل راكب سهماً وكتب عليه اسمه، ثم ألقوه في إناء. فأخرجوا سهماً وإذا هو سهم يونس -عليه السلام-. فتعجبوا من ذلك وقالوا: هذا رجل صالح، كيف نطرحه في البحر؟ فأعادوا القرعة مرتين أخريين، وفي كل مرة كان سهم يونس -عليه السلام- هو المختار.

فلما تيقن يونس -عليه السلام- من أنه لا مفر من قضاء الله -تعالى- عليه، قال لأصحابه: إن السبب في عصف البحر هو ذنبي، فألقوني في البحر ولا تترددوا في ذلك. وتوكلوا على الله -تعالى- فإنه سينجيني بفضله. فأطاعوه وألقوه في الماء، فإذا به يلتقمه حوت عظيم بأمر من الله -تعالى-، وأودعه في ظلمات بطنه.

دعاء يونس -عليه السلام- في بطن الحوت

فلما ابتلع الحوت يونس -عليه السلام-، ظن أن حياته انتهت، فلما شعر بحركة جسده، عرف أن الله -تعالى- قد رحمه وأمنه من الموت، فسجد لله -تعالى- مقدراً نعمته عليه، ومستغفراً لذنبه، فلم يصب بأذى في يديه أو رجليه.

و عندما بقي يونس -عليه السلام- في بطن الحوت ثلاثة أيام، سمع في تلك الأيام أصواتاً عجيبة لم يكن يفهم معانيها، فأوحى الله -تعالى- إليه أن تلك هي تسبيحات خلق البحر لربّ العالمين، فشارك هو في تسبيح الله -تعالى-، قائلاً: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين).

نجاة يونس -عليه السلام- من بطن الحوت

وبعد ذلك أمر الله -سبحانه وتعالى- الحوت بأن يلقيه على البر، فأطاعه وأخرجه من بطنه، وألقاه على شاطئ جاف، وأنبت له شجرة من اليقطين تظلله وتطعمه من ثمارها، حتى نجا وشفي بفضل من الله تعالى.

عودة يونس -عليه السلام- إلى قوم نينوي

بعد أن نجا يونس -عليه السلام- من بطن الحوت، عاد إلى مدينة نينوى التي كان قد هجرها بسبب عصيان أهلها. ففرح برؤية قومه قد تابوا إلى الله -تعالى- وأقروا بالتوحيد والإيمان. فأقام معهم فترة من الزمن، يدعوهم إلى الصلاح والتقى، ويفرح بما أنعم الله -تعالى- عليهم من الخير والبركة.

هلاك قوم يونس -عليه السلام-

ولكنهم عادوا إلى طغيانهم وكفرهم كما كانوا قبل ذلك، فأرسل الله -تعالى- عليهم عذاباً شديداً، فأهلكهم جميعاً، وجعل مدينتهم خراباً. فصاروا عبرةً للأمم اللاحقة، وذكرةً للعالمين. وقيل أنّ يونس -عليه السلام- توفّي بعد ذلك، وأنّ قبره في مدينة صيدا على شاطئ البحر.

الدروس والعبر المستفادة من قصة نبي الله يونس عليه السلام

  • الثقة بالله تعالى والاستعانة به في كل الأحوال، والرضا بقضائه وقدره.
  • التوبة من الذنوب والخطايا والإقرار بها والندم عليها.
  • التوكل على الله تعالى وعدم التوكل على الأسباب.
  • التحمل والصبر على المصائب والابتلاءات، والاستعانة بالله تعالى بالدعاء والتضرع.
  • التفاؤل بالخير والأمل في رحمة الله.
  • التأثير في قومك بالدعوة إلى الإسلام والصلاح.
  • الرحمة بالخلق والشفقة عليهم، وعدم التسرع في الدعاء عليهم أو الغضب منهم.
  • الإخلاص في العبادة والدعوة، وعدم التفاخر أو التكبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى