إسلاميات

قصة كاتب الرسول صلى الله عليه وسلم: من هم وكم عددهم

مقدمة

تعرف على قصة كاتب الرسول صلى الله عليه وسلم

إن النبي صلى الله عليه وسلم هو خير الخلق وأشرف المرسلين، وهو الذي بعثه الله رحمة للعالمين، وهداية للناس، وبشيرا ونذيرا. وقد جاء بالقرآن الكريم، الذي هو كلام الله المعجز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم نبيا أمِّيًّا، لا يقرأ ولا يكتب، بحكمة من الله تعالى، ليتضح أن القرآن ليس من عنده، بل هو وحي يوحى. ولكن ذلك لم يمنعه من أن يكون أفضل معلم للبشرية، وأفصح ناطق بالعربية، وأجود خطيب بالحكمة. فقد كان يتوجه إلى ربه بالدعاء، وإلى خلقه بالدعوة، وإلى أصحابه بالتعليم. وكان يستخدم مختلف الوسائل لإيصال رسالته إلى الناس، من خطبة وحديث وشعر ورسالة.

ولأن الكتابة هي أحد أهم الوسائل لحفظ التاريخ ونشر المعارف، فقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم كتَّابًا من بين صحابته الكرام، يكتبون له ما يوحى إليه من قرآن، أو ما يأمر به من رسائِلٍ إلى المُلوكِ والقادةِ والقُبائِلِ، أو ما يَشْتَرِطُ فيه من عهودٍ وَمَواثِيقٍ مَعَ المُسْتَضْعَفِينَ أو المُستَظْعِفِينَ. فكان هؤلاء الكتَّاب شرَكاءً في نشر دِعْوَةِ التَّوْحِيدِ، وشهودًا على تاريخ الإسْلاَمِ.

ففي هذا المقال سوف نتعرف معكم في موقع وثائقيه على قصة كاتب الرسول صلى الله عليه وسلم، من هم؟ وكم عددهم؟ وكيف اختارهم؟ وما هي موادُّ كتابتهم؟

من هم كتاب النبي ﷺ؟

كتاب النبي صلى الله عليه وسلم هم ذلك الجُزْءُ مِنْ صَحَابَتِهِ الكِرَامِ الَّذِينَ كَانُوا يَجِيدُونَ القِرَاءَةَ والكِتَابَةَ بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، وكانوا يستخدمون أنواعًا مختلفة من المواد الكتابية، مثل الجلود والألواح والأوراق والعظام والحجارة وغيرها.
كان هؤلاء الكتاب يقومون بكتابة ما يوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قرآن، بعد أن يحفظه في صدره، ويعْلِمُهُ لأصحابه. وكانوا يرتبون الآيات والسور بأمر منه، ويضعون علامات لفصل بينها. وكانوا يشاركون في جمع القرآن في المصاحف، خصوصًا في عهد أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان رضي الله عنهما.
كما كان هؤلاء الكتاب يقومون بكتابة ما يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم من رسائِلٍ إلى المُلوكِ والقادةِ والقُبائِلِ، ليدعوهم إلى الإسْلاَمِ، أو ليُخْبِرَهُمْ بشروطه، أو ليُحْذِرَهُمْ من عقابه. كما كانت هذه الرسائل تحمل خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، وتحترم أصول البلاغة والإنشاء.
كذلك كان هؤلاء الكتاب يقومون بكتابة ما يشترط فيه النبي صلى الله عليه وسلم من عهودٍ وَمَواثِيقٍ مع المسلمين أو غير المسلمين، سواء كان ذلك في حالة سلام أو حرب. كما كانت هذه العهود والمواثيق تضمن حقوق الطرفين، وتحفظ كرامة المسلمين، وتدعو إلى التعاون على البر والتقوى.

كم عدد كاتب النبي صلى الله عليه وسلم؟

لا يوجد اتفاق بين المؤرخين على عدد كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ذكر أنَّ كتَّابه صلى الله عليه وسلم كانوا ستة وعشرين كاتبًا على ما ثبت عن جماعة من ثقات العلماء، وقيل: أنهم كانوا اثنين وأربعين كاتبًا، وفي دراسة حديثة ذكر أنَّ كتاب الوحي أربعة وأربعون صحابيًا، تخصص منهم أربعة وعشرون كاتبًا في كتابة الوحي، وعشرين كاتبًا في كتابة الرسائل والعهود والمواثيق.

ومن أشهر كتاب النبي صلى الله عليه وسلم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وأبو موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.

كيف اختارهم النبي صلى الله عليه وسلم؟

اختارهم النبي صلى الله عليه وسلم بحكمة وعِلْمٍ من عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، فقد كان يرَاعِي في اختيارهم ما يلي:

  • أن يكونوا من المؤمنين المخلصين لله ورسوله، والمطيعين لأوامره، والمجتهدين في نشر دعوته.
  • أن يكونوا من الفُقَهَاءِ الذين يفقهون في دين الله، والحُكَمَاءِ الذين يحكمون بالقرآن والسُّنَّةِ.
  • أن يكونوا من الفُصَحَاءِ الذين يتقنون اللغة العربية، والبَلاَغِيِّيْنَ الذين يجيدون فنون الإِبْدَاعِ.
  • أن يكونوا من المحافظيين للقرآن، أو على الأقل من القارئيين له بتدبرٍ وتفسيرٍ.
  • أن يكونوا من المُجْتَهِدِيْنَ في التَّعَلُّمِ والتَّعْلِيْمِ، والمُشْتَغِلِيْنَ بالكتابة في أوقات فراغهم.

فبهذه الصفات كان كاتب الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة لغيرهم من المسلمين في التقوى والعلم والإخلاص.

ما هي موادُّ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم؟

موادُّ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم هي كل ما استخدموه من أشياء لكتابة القرآن والرسائل والعهود والمواثيق، وكانت تختلف حسب ما كان متوفرًا لهم في ذلك الزمان والمكان. ومن أشهر هذه المواد:

  • الجِلْدُ: وهو جلد الحيوانات المذبوحة، كالإِبِلِ والغَنَمِ والبَقَرِ، وكان يدَبَّغُ بطريقة خاصة، ثم يقْطَعُ إلى أوراق، ويكْتَبُ عليه بالمِدَادِ. وكان هذا المادة المفضلة لكتابة القرآن، لأنها تتحمل الطي والحفظ والنقل. وقد جمِعَ فيها المصحف الأول في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
  • الأَلْوَاحُ: وهي ألواح من الخشب أو الحجر أو العظم، تنْحَتُ بالسِّكِّيْنِ أو الحَجَرِ، ثم تكْتَبُ عليها بالمِدَادِ أو بشيء حاد. وكانت تستخدم لكتابة بعض آيات القرآن، خصوصًا في المكة، حيث كان ندرة الجلود. وقد ذكِرَ أن بعض الصحابة كانوا يكتبون آيات القرآن على ألواح من نخيل.
  • الأَورَاقُ: وهي أوراق من نباتات مختلفة، كالبردي والرِّقِّ والخَرْجِ، تجْفَّفُ ثم تسْتَعْمَلُ للكتابة. وكانت تستخدم لكتابة بعض آيات القرآن، خصوصًا في المدينة، حيث كان توافرها أكثر. وقد ذكِرَ أن بعض الصحابة كانوا يكتبون آيات القرآن على أوراق من شجرة التِّيْن.
  • العَظْمُ: وهو عظم من حيوانات مختلفة، كالإِبِلِ والغَنَمِ والبَقَرِ، يجْفَّفُ ثم يسْتَعْمَلُ للكتابة. وكان يستخدم لكتابة بعض آيات القرآن، خصوصًا في المدينة، حيث كان سهولة حصوله. وقد ذكِرَ أن بعض الصحابة كانوا يكتبون آيات القرآن على عظام من رجول الإبل.
  • الحَجَرُ: وهو حجر من أنواع مختلفة، ينْحَتُ بالسِّكِّيْنِ أو الحَجَرِ، ثم يكْتَبُ عليه بالمِدَادِ أو بشيء حاد. وكان يستخدم لكتابة بعض آيات القرآن، خصوصًا في المكة، حيث كان قسوة الظروف. وقد ذكِرَ أن بعض الصحابة كانوا يكتبون آيات القرآن على حجارة من جبل أبي قبيس.

وبهذه المواد كان كاتب الرسول صلى الله عليه وسلم يحافظون على كلام الله ورسوله، وينشرونه بين الناس، ويخلدونه للأجيال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى