قصة قارون كاملة مكتوبة: تعرف على قصة أغنى رجل في التاريخ

المقدمة
تعرف على قصة قارون كاملة مكتوبة
قصة قارون من القصص القرآنية التي تحمل في طياتها العبر والعظات لمن يتدبر ويتفكر. فهي قصة رجل من بني إسرائيل أعطاه الله عز وجل من الثروة والعلم ما لم يعطه أحد من قبله، ولكنه استغل هذه النعم في الفساد والظلم والتكبر على خلق الله، فأهلكه الله تعالى بخسف الأرض به وبداره، وجعله عبرة لمن خلفه. في هذا المقال سنتناول معكم في موقع وثائقيه قصة قارون كاملة مكتوبة بشكل مفصل وموضوعي، مستعينين بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية والروايات التاريخية والتفاسير العلمية.
من هو قارون؟
قارون هو اسم عبري يعني “المُشْرِق” أو “المُضِيء”، وهو اسم شخصية تاريخية ذكرها القرآن في سورة القصص بقوله تعالى: { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ } [القصص: 76]. كما اختلف العلماء في نسبه وقبيلته، فمنهم من قال إنه كان من بني لاوي. ومنهم من قال إنه كان من بني رأوبين، ومنهم من قال إنه كان من بني يساخر. وقد ثبت أنه كان ابن عم موسى عليه السلام، كما روى ابن جرير الطبري عن ابن عباس رضي الله عنه أن قارون كان ابن يصهر بن قاهث بن يعقوب، وأن موسى عليه السلام كان ابن عمران بن قاهث، فكانا ابنا عمٍ لبعضهما.
ما هي ثروة قارون؟
قارون كان رجلا فقيرا في بادئ الأمر، يعاني من ضغوط الحياة وظلم فرعون لبني إسرائيل. فطلب من موسى عليه السلام أن يدعو له بالغنى والرخاء، فدعا له موسى عليه السلام بإخلاص. فأجاب الله دعاءه وأغدق عليه من نعمه ما لا يحصى. فأصبح قارون أغنى رجل في زمانه، حتى أورثت ثروته المشاكل والفتن. فإذا به يجد نفسه محاطا بالكنوز والأموال والجواهر والألماس والذهب والفضة والحرير والعطور والخيل والعبيد والجواري.كما ذكر الله تعالى في سورة القصص مدى كثرة ثروته بقوله: { وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ } [القصص: 76]، أي أن مفاتيح خزائنه كانت تحتاج إلى جماعة من الرجال الأقوياء لحملها، فكيف بما في تلك الخزائن من ثروات؟
ما هو علم قارون؟
قارون لم يكن غنيا فحسب، بل كان عالما في علوم شتى، فقد أوتي من الله عز وجل علما في التوراة وفي الحساب وفي الكيمياء. كما كان يقرأ التوراة بصوت جميل، ويحفظها بذاكرة قوية، ويفسرها بعقل رزين. وكان يعرف الحساب والجبر والهندسة، كما كان يستطيع حل المسائل الصعبة بسهولة. وكان يجيد الكيمياء، ويعرف سر تحويل المعادن إلى ذهب، فكان يستخدم هذا العلم في زيادة ثروته. كما أشار الله تعالى إلى علم قارون في سورة القصص بقوله: { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي } [القصص: 78]، أي أن قارون نسب ثروته إلى علمه، مستخفا بفضل الله عليه.
ما هو طغيان قارون؟
قارون لم يشكر الله على نعمه التي أنعم بها عليه، بل كان جحودا كافرا مستكبرا. فبدلا من أن يسخر ثروته وعلمه في خدمة دين الله وشريعة موسى عليه السلام، استخدمهما في المعصية والفساد. فأطاع فرعون في قتل بني إسرائيل، وأخذ يستغل نساءهم، وأخذ يظلم المؤمنين من قومه، وأخذ يتبجح بثروته أمام المحتاجين. فأصبح قارون رجلا مكروها مبغضا لدى كل من يعرفه، إلا من كان مثله في الغرور والطمع.
زينة قارون وإعجاب الناس
كما روى ابن جرير الطبري عن ابن عباس رضي الله عنه أن قارون كان يخرج إلى قوم موسى عليه السلام في زينته، يرتدي ثوبا من حرير المدينة، وثوبا من ذهب وفضة وياقوت ولؤلؤ، ويضع على رأسه تاجا من ذهب مرصعا بالجواهر، ويحمل في يده عصا من ذهب، ويمشي على بساط من حرير، ويتبعه ألف رجل يحملون خزائنه، وألف رجل يحملون مفاتيح خزائنه، وألف رجل يحملون مجوهراته، وألف رجل يحملون عطوره، وألف رجل يحملون حراسه. فكان الناس ينظرون إليه بالحسد والتمني، ويقولون: { يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } [القصص: 79]. وكان قارون يستمتع بذلك، ويزداد غرورا وكبرياء.
كبر قارون وإطلاق سراح نفسه
كما روى ابن كثير في تفسيره أن قارون كان يقول: “إني أحب أن أخرج إلى الناس في زينتي، فأرى أعينهم تتسع من الدهشة، وأسمع أصواتهم تتعالى من الإعجاب، وأشعر قلوبهم تتقطع من الحسرة”.
ما هي نصيحة بني إسرائيل لقارون؟
ولم يكن كل بني إسرائيل مغرورين بثروة قارون، بل كان منهم المؤمنون الصالحون الذين عرفوا حقيقة الدنيا وزخرفها. فأرادوا أن ينصحوا قارون بالتوبة إلى الله والإحسان إلى عباد الله. فقالوا له ونصحوه بأربعة أشياء:
- أولا: أن يبتغي فيما آتاه الله الدار الآخرة، أي أن يستثمر ثروته في الصدقات والزكاة والإحسان إلى المساكين والفقراء والأرامل والأيتام، فإن ذلك خير له في دار المقامة.
- ثانيا: ألا ينسى نصيبه من الدنيا، أي ألا يحرم نفسه من المباحات التي جعلها الله لعباده، وأن يتنعم بما أنعم الله عليه من النعم، بشرط ألا يتجاوز حدود الله وألا يعصي أوامره.
- ثالثا: أن يحسن كما أحسن الله إليه، أي أن يشكر الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وأن يعرف قدر نفسه وقدر ربه، وأن يتواضع لخلق الله، وأن يتقي الله في سره وعلانيته.
- رابعا: ألا يبغي الفساد في الأرض، أي ألا يستخدم ثروته وعلمه في نشر الشر والظلم والبغي، وألا يتحالف مع فرعون وجنوده ضد موسى عليه السلام وقومه، وألا يفتن الناس بزخرف الدنيا وزينتها.
ما هو جواب قارون لبني إسرائيل؟
قارون لم يقبل نصيحة بني إسرائيل، بل كان مستهزئا مستكبرا. فقال لهم: { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي } [القصص: 78]. أي أنه نسب ثروته إلى علمه، مستخفا بفضل الله عليه. فظن أن علمه هو الذي جعل له هذه الثروة، وأن لا حول لأحد سواه. فكان هذا جواب قارون المخزي المذل لبني إسرائيل، الذي كشف عن حقيقة غروره وجحوده.
ما هو عقاب قارون من الله؟
قارون لم يزل في طغيانه وجبروته حتى حمل الله عليه عقابا شديدا. فأمر موسى عليه السلام أن يخرج من مدينته مع قومه، فخرجوا جميعا. ثم خسف الله به وبداره الأرض، فانغمس في باطن الأرض، وصار من المبعدين، وكان هذا عقاب قارون المستحق المستوجب من الله تعالى.
ما هي عبرة قصة قارون؟
قصة قارون تحمل في طياتها عبرة كبيرة لكل من يتدبر ويتفكر. فإن في قصة قارون درسا في عاقبة الغرور والبخل، وفي خطورة المحبة المفرطة للدنيا وزينتها، وفي ضرورة الشكر لله على نعمه والإحسان إلى عباده. فمن العبر التي نستخلصها من قصة قارون كاملة مكتوبة:
- أولا: أن الثروة والعلم نعمتان من نعم الله على عباده. فلا يجوز للإنسان أن يستغلهما في معصية الله أو ظلم خلق الله. بل يجب عليه أن يسخرهما في طاعة الله وخدمة دين الله، فإن ذلك خير له في الدنيا والآخرة.
- ثانيا: أن الغرور والكبر هما من أسباب هلاك الإنسان، فإذا غرت الدنيا بزخرفها وزينتها رجلا. فأصبح يتكبر على خلق الله، ويستخف بفضل الله عليه، ويظن أن لا حول لأحد سواه، فإن الله تعالى يحط من شأنه، ويذل من قدره، ويجعل له عذابا شديدا.
- ثالثا: أن التوبة إلى الله هي المخرج من كل شر وفتنة، فإذا أصابت الإنسان ذنبا أو خطأ أو زلة. فلا يجب عليه أن يقنط من رحمة الله، بل يجب عليه أن يستغفر الله ويتوب إليه بقلب صادق. فإن الله تعالى يقبل التوبة من عباده، ويرحم المتوبين.
- رابعا: أن نصح المؤمن لأخيه المؤمن هو من حقوق المؤمنين بعضهم على بعض. فإذا رأى المؤمن أخاه في ضلال أو شك أو خطر، فلا يجب عليه أن يتركه في حاله. بل يجب عليه أن يوجه إليه نصحا حسنا بحكمة وموعظة حسنة. فإذا قبل منه النصح، فهو خير له ولأخيه، وإذا رفض منه النصح، فهو على ذمته، والمؤمن بريء من مسؤوليته.
خاتمة المقال
في الختام، نقول إن قصة قارون كاملة مكتوبة، هي قصة مؤثرة ومعبرة، تعلمنا كيف يجب على المسلم أن يتعامل مع نعم الله عليه، وكيف يجب عليه أن يحفظ دينه وعقيدته من الفتن والشبهات. فلنستفد من هذه القصة، ولنتعظ من عبرتها، ولنتجنب ما أوقع قارون في هلاكه، ولنسأل الله تعالى أن يرزقنا الغنى الحقيقي، وهو غنى القلب والروح، وأن يجعلنا من الشاكرين لنعمه، والمحسنين إلى عباده، والمتوكلين عليه في كل حال. والحمد لله رب العالمين.
المصادر والمراجع
- الطبري: تفسير سورة القصص، آية 76.
- : ابن كثير: تفسير سورة القصص، آية 79.
- : القرطبي: تفسير سورة القصص، آية 77.
- : ابن كثير: تفسير سورة القصص، آية 81.