إسلاميات

قصة سيدنا لوط: دروس وعبر من سيرة النبي الكريم

المقدمة

تعرف على قصة سيدنا لوط -عليه السلام-

من القصص القرآنية التي تحوي الكثير من المواعظ والحكم، قصة سيدنا لوط عليه السلام وقومه الذين أهلكهم الله بسبب معصيتهم وإقامتهم للشذوذ الجنسي. في هذا المقال، سنستعرض معكم في موقع وثائقيه سيرة هذا الرسول المجاهد وكيف أرسله الله إلى قومه ليدعوهم إلى التوحيد والإصلاح. كما سنذكر ما جرى لقوم لوط من عقاب عظيم بعد أن تجاهلوا نصحه وتحدوا بالله. نأمل أن تستفيدوا من هذا المقال وأن تستمتعوا بقراءته.

التعريف بلوط عليه السلام

سيدنا لوط عليه السلام هو نبي من الأنبياء الذي ذكر في الكتاب المقدس والقرآن الكريم.

وهو ابن أخ لنبي إبراهيم عليه السلام، وقد تم اختياره من قبل الله ليكون رسولاً له ويدعو قومه إلى الإيمان والطاعة وقد ولد في أرض بابل.

معاني كلمة “لوط” وأصلها في الإسلام

تعد كلمة “لوط” من الكلمات التي لها معانٍ كثيرة، ومنها: “لاط”، وهي العملية التي يتم فيها خلط الحوض بالطين لإعداده للاستخدام.

ويمكن أن تعني أيضاً لصق شيء ما بشيء آخر، يمكن استخدامها في الحديث للإشارة إلى الشخص الذي يحب الدنيا بشدة، عندما يلتصق الحب بالقلب.

يمكن استخدام “لاط” للدلالة على الاحتفاظ بالحب في القلب، كما يمكن استخدامها في تعبير “الولد ألوط بالقلب”.

للإشارة إلى الولد الذي تعلق به الوالد بشدة.

ويذكر أن النبي “لوط” كان أحد الأنبياء الذين بعثهم الله إلى قومه، ولكنهم لم يؤمنوا به، وانحرفوا عن الطريق الصحيح، وأشاعوا الفساد في الأرض.

وقد تميز “لوط” بحبه الشديد لعمه “إبراهيم” عليه السلام، حتى أصبح اسمه مشتقاً من هذا الحب والتعلق به. ولقد خرج “لوط” من أرض بابل مع “إبراهيم”، وكان يتبعه في دينه، وهاجر معه إلى الشام.

هجرة سيدنا لوط عليه السلام إلى قرية سدوم

عندما قام أهل بابل بإلقاء إبراهيم عليه السلام في النار، حدثت معجزة وخرج سالماً منها، ولم يؤمن بهذا الحدث سوى لوط عليه السلام.

بعد ذلك، قرر إبراهيم الهجرة وهاجر معه سيدنا لوط. ثم أمر لوط بالتوجه إلى قرية “سدوم”، والتي كانت مركزاً تجارياً ومحطة على طريق السفر.

وتقع في فلسطين بالقرب من البحر الميت، ويشار إليها في القرآن باسم “المؤتفكة” {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى}.

انتشر الفساد بشكل شديد في “سدوم” وارتكبوا أفعالاً من الموبقات التي لم يفعلها أحد غيرهم.

وكانت هناك نسبة صغيرة جداً من المؤمنين فيها {فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (36) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ}.

كان سيدنا لوط وابنتاه هم الوحيدين الذين كانوا مؤمنين في تلك القرية.

فساد قوم سيدنا لوط

قام أهل سدوم بابتكار أشكال متعددة من المنكرات والفواحش، وكانوا الأوائل الذين مارسوا الشذوذ الجنسي بين الرجال.

ولقد كان هذا ردًا على أولئك الذين يرون أن هذا الأمر يتعلق بطبيعة الإنسان وجيناته، ولكن الله يرشدنا لمواجهة الفساد الذي يظهر ومحاربته.

وتعددت المنكرات التي ارتكبها أهل سدوم، فقاموا بقطع الطرقات وسلب ونهب الناس، وانحطوا في الأدب والسلوك في المجالس.

وذكر القرآن الكريم في سورة العنكبوت قول النبي لوط لقومه: “إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ”

وذكر أيضاً في سورة الشعراء قال: “أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ”.

التعامل الحاسم مع الأخلاقيات المنحرفة

يجب التعامل مع الأخلاقيات المنحرفة بشكلٍ ضروري وحاسم، فلا يمكن اعتبارها مجرد حرية شخصية. فعندما تغيب القيم الحضارية العُليا وتسيطر على الأمم الشهوات، فإنها تنهار.

فكمثالٍ على ذلك، دعا النبي لوط عليه السلام قوم سدوم للتوبة والانقياد لله، على الرغم من كونه غريبًا عنهم ومن المعارضين لهم.

ويقول الله تعالى: “كَذبَت قَوْم لُوط الْمرْسلين ⁠✧⁩ إِذ قال لَهُم أخوهم لُوط ألَا تَتقُون ✧⁩ إِنِّي لَكُم رَسُول أمين ✧⁩ فاتَّقوا اللَّه وأطيعون ✧⁩ ومَا أسْألكم عليْه مِن أَجْر إِنَّ أُجْرِي إِلَّا على ربِّ العالميْنِ “.

جريمة الطهارة عند قوم سدوم

بسبب شدة فجور قوم سدوم، قاموا بمحاولة طرد لوط عليه السلام فور دعوته لهم، والسبب في ذلك هو ارتكابهم لجريمة الفجور والإثم.

وبخصوص سؤالك عن الجريمة التي ارتكبها لوط عليه السلام، فالجواب هو أنه لم يرتكب أي جريمة.

نعم، بل كان يتحدث معهم عن الطهارة والنزاهة ويدعوهم للتوبة والعودة إلى طريق الحق والخير.

حيث تغيرت المفاهيم لديهم وأصبحت الطهارة جريمة يعاقب عليها.

قال تعالى:”✧⁩ومَا كان جَوَاب قَومِه إِلَّا أن قَالُوا أخْرجوهم مِن قَريتِكم إِنَّهم أُنَاس يتطهَّرون✧⁩”.

ومن ثم حذروه من دعوة أي شخص لزيارته أو استقبال الضيوف في منزله، وإلا فسيتعرضون للطرد. بعد ذلك، دعا لوط عليه السلام الله تعالى لينصره على القوم المفسدين.

قال تعالى:”قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ”.

مجادلة إبراهيم مع الملائكة حول عذاب قوم لوط

بعدما استضعف قوم سدوم لوطا عليه السلام، أرسل الله ملائكة لنصرته.

وفي طريقهم لقوم لوط، مروا على إبراهيم عليه السلام.وأخبروه بمولوده إسحاق وحفيده يعقوب عليهم السلام وأخبروه أيضا بما سيحدث لقوم لوط عليه السلام.

وحين سمع إبراهيم الخبر، خاف على لوط عليه السلام وأراد الدفاع عنه. فجادل الملائكة قائلاً:

“هل تهلكون قرية فيها 200 مؤمن؟” وأجابوا “لا”. ثم قال “100” وأجابوا “لا”. ثم قال “14” وأجابوا “لا”.فقال لهم“فمؤمن واحد” وأجابوا “لا”.

وقال إبراهيم عليه السلام: “إن فيها لوطا”!!فأخبروه بأنهم يعلمون بوجود لوط عليه السلام فيها وسينجوه من هذا العذاب.

وطلبت من النبي إبراهيم أن يتوقف عن المجادلة والمناقشة في مسألة عذاب قوم لوط، وقالت له أن عذاب الله قد صدر فيهم.

قصة زوجة سيدنا لوط عليه السلام

كانت زوجة لوط عليه السلام غير مؤمنة، وجعلها الله مثالًا للكفار في قوله: “✧⁩ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ”.

حيث كانت هاتان المرأتان تعيشان تحت عبدَيْنِ من عباد الله الصالحين، إلا أنهما خانتا إيمانهما وعقيدتهما، ولم يغنِ النسب ولا القرابة حتى لو كانا من نبي.

والخيانة التي وقعت هنا هي خيانة في الإيمان والعقيدة، وجرى عليهما قول الله:

“فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَقِيلَ: ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ✧⁩”.

قصة استضافة سيدنا لوط عليه السلام للملائكة

عندما دخلت الملائكة قرية سدوم

دخل رسل الله وملائكتُه قرية سدوم على هيئة شباب وسيمين، ورأتهم ابنة لوط عليه السلام.

فأسرعت لتخبر أباها خوفًا عليهم من فجور القوم وما يمكن أن يصيبهم.

هرع لوط إليهم مستاءً، فلم يكن بإمكانه ردّهم كضيوف وخشي الأذية التي قد تصيبهم. حذّرهم من أهل القرية عدة مرات، وذلك طمعًا في أن يرجعوا عن قصدهم، إلا أنهم استمروا حتى دخلوا داره.

وعندما جاءت رسل الله إلى لوط، أصابه القلق والحزن لما حدث، وأشار إلى اليوم العصيب الذي يحل عليهم.

محاولة حماية لوط عليه السلام لضيوفه

خرجت زوجة لوط عليه السلام وأخبرت الناس بوجود الضيوف، وأشارت إلى جمالهم وشبابهم، فجاء أهل القرية يركضون مسرعين.

وبمجرد خروج لوط عليه السلام، أغلق الباب وبدأ يجادل قومه ويناقشهم، فقال لهم بأن هؤلاء الضيوف ضيوفه.

كما دعاهم لتزويج نساءهم، اللواتي حلهنّ الله لهم، ثم طلب المساعدة والنصرة ولم يجد أحدًا منهم.

وعلى الرغم من كل الحجج التي قدمها لوط، رفض أهل القرية موقفه وأصروا على فعل المنكر.

فتحسر لوط أنه ليس لديه قوة تحميه منهم، وقال لهم لو كان لديه القوة أو المكانة القوية في القرية، لأبى عليهم.

وصف الله تعالى حالهم لنبيه محمد ﷺ وشرح حالهم وتصرفاتهم وما يريدونه من إفساد وإفساد الآخرين.

بعدما استمهل لوط عليه السلام قومه ودخل بيته، رأى الضيوف ينامون في قمة الهدوء، فشعر بالارتياح.

ولكنهم أخبروه بأن أهل القرية يريدونهم، فأكد الضيوف لوط أنهم جاءوا إليه بالحق.

قصة نجاة لوط وأهله من العذاب

وعندما أراد أهل القرية دخول المنزل، خرج لهم جبريل وأعماهم جميعًا بضربة واحدة كعقاب على رفضهم الحق ومحاولتهم إفساد الضيوف.

عاد قوم لوط إلى منازلهم وهم يتلمسون الجدران، واتهموا لوط عليه السلام بالسحر، وتوعدوه في اليوم التالي.

وبعد ذلك، وجهت الأوامر إلى لوط بأن يخرج من القرية مع ابنتيه في الليل، وأن يترك امرأته الكافرة وأن لا يلتفت، لأن العذاب سيحل في الصباح.

قال تعالى:”✧⁩فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ، إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ، وَمَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ.

وقد نجا لوط عليه السلام وأهله في وقت السحر، كما يذكر القرآن الكريم:

“إِلا آل لوطٍ نَجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ✧⁩”.

العذاب الذي أصاب قوم لوط

وفي الصباح، زار جبريل عليه السلام القرية وجعل جناحه تحتها، ثم ارتفع بها إلى السماء، وكانت الملائكة تسمع صياح ديكهم وتسبيحهم.

بعد ذلك أمطرت عليهم حجارة معلمة لكل واحد منهم، حتى دمّرت القرية بأكملها.

بعد ذلك، قلب الله القرية وأعادها إلى الأرض وجعلها بحيرة تعرف باسم بحيرة قوم لوط.

يقول العلماء إن كل من يقوم بهذا المنكر (الشذوذ الجنسي) ليس ببعيد عن هذا العذاب، وقد جعل الله عقوبته شديدة وشنيعة.

وفي حديث ابن عباس، يذكر أن رسول الله ﷺ قال: “مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى