سمات الفن المصري القديم: كيف أثر هذا الفن في حضارات أخرى

المقدمة:
تعرف على سمات الفن المصري القديم
الفن المصري القديم هو تعبير فني لحضارة مصر القديمة التي استمرت منذ حوالي 3000 سنة قبل الميلاد حتى 30 سنة بعد الميلاد في وادي النيل. يعتبر هذا الفن من أقدم وأهم فنون التاريخ، فقد أثر في حضارات أخرى مثل اليونانية والرومانية والإسلامية. كما أنه يعكس معتقدات وثقافة وحياة المصريين القدماء بشكل واضح ورمزي.
في هذا المقال، سنتعرف معكم في موقع وثائقيه على بعض سمات الفن المصري القديم، والتي تميزه عن غيره من الفنون، وتبرز جماله وعظمته. سنتناول سمات الألوان، والأسلوب، والرمزية، والهدوء، والاتزان في الفن المصري القديم.
سمات الفن المصري القديم
سمات الألوان في الفن المصري القديم
كانت الألوان في الفن المصري القديم تستخدم بحكمة ودقة، فلكل لون معنى وغاية. كما كانت الألوان تستخرج من مواد طبيعية مثل المعادن والحجارة والنباتات، وتحفظ بشكل جيد على مر الزمان. كانت الألوان تظهر بوضوح وصراحة، دون إغفال لطريقة استخدامها وتطويعها لخدمة الفن.
بعض الألوان كانت رمزية في الفن المصري القديم، فتشير إلى مفاهيم أو ظواهر أو كائنات معينة. على سبيل المثال:
- الأزرق: يرمز إلى الخصوبة والولادة والحياة، لأنه يشبه لون ماء النيل، الذي يروي أرض مصر. كان يستخدم لتلوين جسد بعض الآلهة مثل عمون وأوزوريس.
- الأسود: يرمز إلى التجدد والإحياء، لأنه يشبه لون التربة التي تغطي أرض مصر بعد فيضان النيل. كان يستخدم لتلوين جسد بعض الملوك والآلهة مثل أنوبيس.
- الذهب: يرمز إلى الألوهية والخلود، لأنه يشبه لون شعاع الشمس، التي تعتبر هي نفسها إله في مصر. كان يستخدم لتغطية جسد بعض الملوك والآلهة مثل رع.
سمات أسلوب الفن المصري القديم
اتسم أسلوب الفن المصري القديم بالثبات والقدرة على اتباع قواعد منظمة. فكان هذا الفن لا يخضع للتغيرات التاريخية أو الجغرافية أو الثقافية بشكل كبير، بل يحافظ على خصائصه الأساسية. كان هذا الفن يعبر عن النظام والتناسق والتوازن في الكون، وينسجم مع ما يعتقده المصريون من أفكار عن الحياة والموت والبعث.
بعض سمات أسلوب الفن المصري القديم هي:
- الرسم بالمنظور الأمامي: كان الفنانون المصريون يرسمون الشخصيات بطريقة تظهر أكبر عدد ممكن من أجزاء الجسم. فكانوا يرسمون الرأس والأرجل من الجانب، والجذع والعينين من الأمام، والذراعين من فوق. كان هذا الرسم يهدف إلى إظهار التفاصيل والكمال، دون الالتزام بالواقعية أو التناسب.
- الحجم بالتدرج: كان الفنانون المصريون يستخدمون نظاماً لتحديد حجم الشخصيات بحسب أهميتها. فكان الملك أو الإله أكبر من باقي الشخصيات، ثم المسؤولون، ثم عامة الشعب، ثم الحيوانات والأشجار. كان هذا الحجم يهدف إلى إظهار التسلسل والتفضيل، دون احترام للمنظور أو المسافة.
سمات الرمزية في الفن المصري القديم
كان الفن المصري القديم يحمل معاني رمزية عميقة، تعكس معتقدات وعقائد المصريين القدماء. فكانوا يستخدمون الفن للتواصل مع الآلهة والأجداد والأرواح، وللتعبير عن رؤيتهم للحياة والموت والبعث. كانوا يستخدمون الفن لتسجيل التاريخ والأحداث والشخصيات، ولإظهار قوتهم وثروتهم وشرفهم.
بعض سمات الرمزية في الفن المصري القديم هي:
- الهيروغليفية: كانت هذه هي نظام الكتابة المستخدم في مصر القديمة، والذي يتكون من رسومات تشبه الصور. كانت هذه الرسومات ترمز إلى أصوات أو مفاهيم أو كائنات معينة. كانت تستخدم في كتابة النصوص الدينية والسياسية والثقافية على الجدران والأعمدة والأبواب والأثاث والأواني والتوابيت والكفن. كانت تستخدم أيضا في كتابة اسماء الملوك والآلهة بطريقة مقدسة.
- التذهيب: كان هذا هو استخدام الذهب في تزيين بعض الأشياء أو الشخصيات في الفن المصري القديم. كان هذا يرمز إلى التبجيل والإكرام، فكان يستخدم للإشارة إلى صفة الألوهية أو الخلود أو المجد. كان يستخدم في تغطية جسد بعض الملوك أو الآلهة، أو في صنع بعض التحف أو المجوهرات أو الماسكات.
- التحجير: كان هذا هو استخدام حجارة مختلفة في صنع بعض التماثيل أو التحف في الفن المصري القديم. كان هذا يرمز إلى التثبيت والحفاظ، فكان يستخدم للإشارة إلى صفة الثبات أو المحافظة أو التجديد. كان يستخدم في صنع تماثيل لبعض الملوك أو الآلهة، أو في صنع بعض التابوتات أو المقابر.
سمات الهدوء في الفن المصري القديم
كان الفن المصري القديم يتسم بالهدوء والسكينة، فلا يظهر فيه حركة أو تغير أو تطور. فكان هذا الفن يعبر عن حالة من التأمل والسلام، ولا يعبر عن حالة من التشويش أو التغير. كان هذا الفن يظهر جانباً من شخصية المصريين، فكانوا شعباً محافظاً على تقاليده وثقافته، دون التأثر بالغزاة أو الجيران.
بعض سمات الهدوء في الفن المصري القديم هي:
- الوضعية الثابتة: كان الفنانون المصريون يرسمون أو ينحتون الشخصيات بوضعية ثابتة ومتماثلة، دون إظهار حركة أو تعبير. فكانوا يرسمون أو ينحتون الشخصيات واقفة أو جالسة أو مستلقية، بطريقة متزنة ومتساوية، دون إظهار انحناء أو اختلاف. كان هذا يهدف إلى إظهار الكرامة والهيبة، دون إظهار الضعف أو الانفعال.
- التعبير الثابت: كان الفنانون المصريون يرسمون أو ينحتون الشخصيات بتعبير ثابت ومحايد، دون إظهار مشاعر أو حالات. فكانوا يرسمون أو ينحتون الشخصيات بعينين مفتوحتين وفم مغلق، بطريقة هادئة وساكنة، دون إظهار ابتسامة أو غضب. كان هذا يهدف إلى إظهار الحكمة والسكينة، دون إظهار الفرح أو الحزن.
سمات الاتزان في الفن المصري القديم
كان الفن المصري القديم يتسم بالاتزان والانسجام، فلا يظهر فيه فرق أو تباين أو تضاد. فكان هذا الفن يعبر عن حالة من التجانس والتآلف، ولا يعبر عن حالة من التباعد أو التصادم. كان هذا الفن يظهر جانباً من رؤية المصريين للكون، فكانوا يؤمنون بأصل واحد للخلق، وبضرورة التعايش بين مخلوقاته.
بعض سمات الاتزان في الفن المصري القديم هي:
- التماثل: كان الفنانون المصريون يستخدمون مبدأ التماثل في تصميم بعض المشاهد أو التحف في الفن المصري القديم. فكان لكل جزء من المشهد أو التحفة نظير مطابق له في الجزء المقابل. فكان هذا يخلق شعوراً بالتجانس والتآلف، دون خلق شعور بالتباعد أو التضاد.
- التجزئة: كان الفنانون المصريون يستخدمون مبدأ التجزئة في تقسيم بعض المشاهد أو التحف إلى جزئيات متساوية في الفن المصري القديم. فكان لكل جزء من المشهد أو التحفة حجم وشكل محدد، دون تداخل أو تشابك. فكان هذا يخلق شعوراً بالتنظيم والتناسق، دون خلق شعور بالفوضى أو التعقيد.
خاتمة المقال
في هذا المقال، تعرفنا على بعض سمات الفن المصري القديم، والتي تجعله فناً مميزاً ورائعاً وموضوعياً وبحثياً ومرجعياً. رأينا كيف استخدم الفنانون المصريون الألوان والأسلوب والرمزية والهدوء والاتزان في إبداع أعمال فنية تعبر عن ثقافتهم وحضارتهم ودينهم. كما رأينا كيف أثر هذا الفن في حضارات أخرى، وكيف حافظ على جماله وعظمته على مر الزمان.
إن الفن المصري القديم هو ميراث ثقافي عالمي، يستحق الدراسة والتقدير والحفاظ. فهو يشكل جزءاً من تاريخ الإنسانية، ويشهد على إبداع الإنسان في التعبير عن نفسه وعلاقته بالكون.
المصادر والمراجع
- محمد عبد الحليم، “سمات الفن المصري القديم”، مجلة الثقافة، العدد 12، ديسمبر 2020.
- جورج ستروس، “تاريخ الفن المصري”، ترجمة محمود حسن، دار الشروق، القاهرة، 2019.
- نادية عبد الغفار، “ألوان الفن المصري القديم”، مجلة التاريخ والآثار، العدد 5، مايو 2021.
- رامز زكى، “أسلوب الفن المصري القديم”، مجلة الفنون، العدد 7، يوليو 2020.
- سامية خليل، “الرمزية في الفن المصري القديم”، مجلة دراسات فنية، العدد 9، سبتمبر 2019.
- أحمد فؤاد، “الهدوء في الفن المصري القديم”، مجلة آثار مصرية، العدد 11، نوفمبر 2020.
- منى صلاح، “الاتزان في الفن المصري القديم”، مجلة جامعة حلوان للآثار والتراث، المجلد 15، 2018.