دعاء الميت في القبر: أهميته وأحكامه وأدعية مأثورة

مقدمة
تعرف على دعاء الميت في القبر
الموت حق لا مفر منه، وهو ينتظر كل إنسان في كل حين، فلا يدري أحد متى يأتيه أجله، ولا أين يكون مصيره. وإن الموت ليس نهاية الحياة، بل هو انتقال من دار الفناء إلى دار البقاء، من دار الغرور إلى دار الحق، من دار الامتحان إلى دار الجزاء. وإن الموتى لا يزالون في حالة من الحياة، بل هي حياة برزخية تختلف عن حياة الدنيا، فهم يسمعون ويرى ويشعرون بما يحدث لهم في قبورهم، سواء كان خيرا أو شرا.
ولأن الموتى في حاجة إلى رحمة الله وغفرانه، فقد شرع الله للأحياء أن يدعوا لهم بالمغفرة والرحمة والثبات عند السؤال، وأن يزوروا قبورهم ويقرءوا عليهم من القرآن ما تيسر، وأن يصدقوا عنهم بما استطاعوا، فإن ذلك كله ينفع الموتى ويزيد في درجاتهم ويخفف عنهم من عذاب القبر. وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور المقابر ويدعو لأصحابها بأفضل الأدعية، وكان يعلم أصحابه كيفية زيارة المقابر والدعاء للموتى.
ولذلك سوف نستعرض معكم في موقع وثائقيه بيان أهمية دعاء الميت في القبر، وبعض الأدعية التي جاءت في الكتاب والسنة لذلك، وبعض الأحكام المتعلقة بزيارة المقابر والدعاء للموتى. نسأل الله أن يجعل هذا المقال خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به المؤلف والقارئ، وأن يغفر لجميع المسلمين أحيائهم وأمواتهم. آمين.
أهمية دعاء الميت في القبر
إن دعاء المؤمن لأخيه المؤمن من أجلِّ مظاهر التآخي في الدين، فإذا كان هذا هو حال المؤمن مع أخيه في حال حياته، فكيف بحال موته؟ فإن الميت بعد موته يحتاج إلى دعاء أخيه له أكثر من حياته، لأنه قد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء للميت يصل إليه ويفرح به، وأن الله يرفع به درجته في الجنة. وقد ثبت في السنة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو للموتى بأفضل الأدعية، وكان يأمر بذلك من حضر جنازة الميت أو زار قبره. ومن فوائد دعاء الميت في القبر:
- أنه يشفع للميت عند ربه، فإن الله سبحانه يستجيب دعاء المؤمن لأخيه المؤمن. ويغفر له ذنوبه ويكفر عن سيئاته، ويرحمه برحمته الواسعة.
- أنه يؤثر في حال الميت في قبره، فإن الدعاء ينفع الميت في قبره. ويزيل عنه من الضيق والوحشة والظلمة ما شاء الله، ويجعل قبره روضة من رياض الجنة، ويثبته عند ملائكة الموت والسؤال.
- أنه يزيد في حسنات الميت ودرجاته في الآخرة، فإن الدعاء يصل إلى الميت كالهدية، ويفرح به كما يفرح الحي بالهدية. كما يرفع به منزلته في عليين، ويرزقه بشرى الجنة والنظر إلى وجه الله تعالى.
- أنه يربط بين المؤمنين أحياء وأمواتا، فإن الدعاء للموتى يذكر المؤمن بأخوته في الدين، ويرحم من مات منهم. كما يسأل الله لمن بقي منهم التوفيق والثبات، ويرجو أن يجمع بينهم في جنات الخلد.
- أنه يذكر المؤمن بالآخرة، فإن زيارة المقابر والدعاء للموتى تذكر المؤمن بالموت وبعده عن الدنيا. كما تحثه على التزود من الطاعات والاستعداد للقاء ربه، وتزيل عن قلبه حب الشهوات والغفلة.
بعض الأدعية التي جاءت في الكتاب والسنة لدعاء الميت في القبر
إذا كان دعاء المؤمن لأخيه المؤمن مستجاباً عامة. فإن دعاء المؤمن بما جاء في كتاب الله أو سُنة النبي صلى الله عليه وسلم مستجاب خاصة. فإنه أفضل وأكمل وأشرف من أي دعاء آخر، وأقرب إلى القبول والإجابة. كما قد جاء في الكتاب والسنة بعض الأدعية التي يدعو بها المؤمن لأخيه الميت في قبره، منها:
- اللهم ارزقه فسيح جناتك وأسكنه مع الصديقين والشهداء والصالحين
- اللهم اجزه عن الإحسان إحسانا وعن الإساءة عفوا وغفرانا
- اللهم اجعل قبره نورا وبسطة وسعادة وفرحة
- اللهم اجعل مثواه الجنة مع إبراهيم ومحمد وآل محمد
- اللهم اغفر له ذنوبه التي لا يغفرها إلا أنت
- اللهم اشف على قبره من كل ضيق وكرب
- اللهم اجعل عن يمينه ملكا يبشره بالخيرات
- اللهم اجعل في قبره رفقة طيبة من المؤمنين
- اللهم اجعل قبره مشرقا بنورك
- اللهم اجعل في قبره روحا سعيدة تسبحك وتحمدك
- اللهم اجعل قبره مطمئنا بذكرك
- اللهم اجعل في قبره حورية تقر عينيه
- اللهم اجعل في قبره نافذة تطل على جنتك
- اللهم اجعل في قبره ماء زلال يروي حشيشته
- اللهم اجعل في قبره شجرة طيبة تظلُّ على رأسه
- اللهم اجعل في قبره ملائكة تقرؤه القرآن وتذكره بالسنة
بعض الأحكام المتعلقة بزيارة المقابر والدعاء للموتى
إذا كان دعاء المؤمن لأخيه المؤمن من حقوق المؤمنين بعضهم على بعض. فإذا كان هذا هو حال المؤمن مع أخيه في حال حياته، فكيف بحال موته؟ فإن الميت بعد موته يحتاج إلى دعاء أخيه له أكثر من حياته؟ لأنه قد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. ولذلك فقد شرع الله للأحياء أن يزوروا قبور الموتى ويدعوا لهم بالمغفرة والرحمة والثبات عند السؤال. وأن يقرءوا عليهم من القرآن ما تيسر، وأن يصدقوا عنهم بما استطاعوا. فإن ذلك كله ينفع الموتى ويزيد في درجاتهم ويخفف عنهم من عذاب القبر. كما قد جاء في الأحاديث الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور المقابر ويدعو لأصحابها بأفضل الأدعية. وكان يعلم أصحابه كيفية زيارة المقابر والدعاء للموتى.
الأحكام المتعلقة
ومن الأحكام المتعلقة بزيارة المقابر والدعاء للموتى:
- أن زيارة المقابر سُنة مستحبة للرجال والنساء، فإنها تذكر بالآخرة وترقق القلب وتكسر الشهوة، وتزيد في الإيمان والتقوى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث رواه مسلم: “زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة”، وفي حديث آخر رواه أيضا مسلم: “إني كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور، فالآن فزوروها فإنها ترقق القلوب وتدمع العيون وتذكر بالرحمة”.
- أن زيارة المقابر تكون بالسلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين. وبالدعاء لهم بالمغفرة والرحمة والثبات، وبالقراءة على قبورهم من القرآن ما تيسر، خصوصا سورة الفاتحة وسورة يس. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا دخلتم المقابر فقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية” رواه مسلم. وقال: **”استحضروا يس على أخيكم المتوفى، فإن ذلك ينفع الأموات”. هذا حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
- أن زيارة المقابر تكون بالأدب والخشوع والتواضع. وأن لا يرفع الصوت بالدعاء أو البكاء أو الندب. وأن لا يجلس على القبر أو يمسه بيده أو يتخذ منه مسجدا أو مزارا. وأن لا يطلب من الميت شفاعة أو نصرة أو عونا، فإن ذلك كله من البدع والشرك.
خاتمة
في ختام هذا المقال نسأل الله تعالى أن يتغمد جميع المؤمنين والمؤمنات برحمته ومغفرته. وأن يجعل قبورهم روضة من رياض الجنة، وأن يثبتهم عند السؤال. وأن يجزيهم خير الجزاء على ما قدموا من خير في حياتهم. ونسأله أن يرزقنا حسن الخاتمة، وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاه.