إسلاميات

الظاهر بيبرس وارطغرل

في سجل التاريخ الإسلامي، يتبادر إلى أذهاننا دائمًا أسماء قادة وأبطال استثنائيين، الذين تركوا بصمات عميقة في تطور الأمم والدول الإسلامية.

ومن بين هؤلاء القادة البارزين، نجد الظاهر بيبرس وارطغرل، حيث يعتبران رمزًا للشجاعة والإصرار في تاريخ الأمة الإسلامية.

وسنتطرق في هذا المقال إلى نظرة شاملة على حياتهما وإلى الأثر الذي تركاه في تاريخ الإسلام.

قائد المسلمين الظاهر بيبرس

الظاهر بيبرس هو سلطان مصر وسوريا العظيم الذي حكم خلال القرون الوسطى، وتحديدا في القرن الثالث عشر الميلادي.

اشتهر الظاهر بيبرس ببسالته وشجاعته في مواجهة الصليبيين والمغول ونجاحه في إعادة توحيد الأراضي الإسلامية في المنطقة.

نشأته وتكوينه

ولد الظاهر بيبرس في أرض القبجاق حوالي عام 625 هـ، وتعرض للأسر في حملات المغول وتم بيعه حتى وصل إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب في عام 647 هـ.

واكتسب العديد من الخبرات العسكرية والإدارية وأصبح جزءًا من المماليك البحرية في مصر، والتي استوطنت على شاطئ النيل.

ولفت الظاهر بيبرس انتباه نجم الدين أيوب الذي أعتقه واعتبره من خواصه، ثم رفعه سريعًا إلى رتبة أمير بعدما أثبت جدارته وشجاعته.

بعد سقوط نجم الدين أيوب، نجا بيبرس من الصراع على الحكم داخل البيت الأيوبي وبقيت حوله مجموعة صغيرة من المؤيدين.

عندما تهددت مصر بالهجوم من قبل المغول، طلب بيبرس الحماية من سيف الدين قطز وحصل على الرحمة والدعم منه. تم تعيينه في دار الوزارة وتمكن من السيطرة على قليوب ومناطق أخرى.

صورة تخيلية للظاهر بيبرس

إنجازاته وانتصاراته

قدم بيبرس العديد من الإنجازات المهمة خلال فترة حكمه، ومن أهم الإنجازات التي يُشهد بها لبيبرس هو تحقيقه للنصر على الصليبيين.

فقد نجح في استعادة عدد من المدن والمناطق التي كانت تحت سيطرتهم، وتمكن من تطهير الأراضي المصرية والسورية والفلسطينية من التواجد الصليبي.

كما نجح في قهر الفرسان الصليبيين في معركة عين جالوت عام 1260م، والتي كانت من أبرز المعارك في تاريخ المنطقة وفي التاريخ الإسلامي بأكمله.

كما نجح في هزيمة التوغل المغولي في منطقة الشام. قاد حملة عسكرية ناجحة ضد المغول، وتمكن من تحرير عدد من المدن التي كانت تحت سيطرتهم.

بالإضافة إلى إنجازاته العسكرية، اهتم الظاهر بيبرس بترميم المساجد والمدارس الدينية في البلاد. قدم دعمًا ماليًا ولوجستيًا كبيرًا للمؤسسات الدينية.

كما أعاد بناء العديد من المساجد التي تضررت جراء الصراعات السابقة، وبفضل هذه الجهود، تعززت الهوية الإسلامية للدولة المملوكية، واستعادت هيبتها الدينية والثقافية.

قائد المسلمين ارطغرل

تاريخنا الإسلامي مليء بالشخصيات العظيمة والقادة الملهمين الذين تركوا بصماتهم الواضحة في صفحات التاريخ.

وأحد هذه الشخصيات هي أرطغرل بك بن سليمان التركماني، القائد البارز ومؤسس الفعلي للدولة العثمانية.

ولد أرطغرل في القرن الثالث عشر الميلادي، تحديدًا في عام 1191م. وتوفي في عام 1281م في أراضي الأناضول في تركيا.

كما تميز أرطغرل بك بشجاعته وحكمته الاستراتيجية، وتركت قيادته الحكيمة أثرًا عميقًا في مستقبل الأمة العثمانية.

يعتبر أرطغرل بك والد السلطان العثماني عثمان الأول، مؤسس الدولة العثمانية التي امتدت لتصبح إمبراطورية عظيمة تحكم أجزاءً واسعة من العالم لأكثر من ستة قرون.

بالإضافة إلى أن نجاح عثمان الأول في تأسيس الدولة العثمانية لا يمكن فصله عن دور والده أرطغرل، الذي قاد قبيلة قايى من أتراك الأوغوز وساهم في توطيد الأسس الأولية للإمبراطورية.

أرطغرل غازي بن سليمان شاه

حياته

يوجد معلومات قليلة عن حياة أرطغرل وأنشطته، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الفترة التي عاش فيها، حيث كانت السجلات التاريخية للمسلمين محدودة ومتفرقة في ذلك الوقت.

من المعروف أن أرطغرل قاد قبيلة قايى إلى الحدود مع بيزنطة، وشن هجمات على القرى والبلدات البيزنطية المجاورة، بما في ذلك قلعة قره جه التي حاصرها في عام 1231-1232 مع الأمراء الأتراك الآخرين.

يُروى أنه أثناء عودته لبلاد العجم شاهد جيشين متقاتلين، فتدخل لنجدتهم ونجح في هزيمة الجيش الثاني بشجاعة وقوة. وجراء هذا الفعل البطولي، كافأه الأمير علاء الدين كيقُباد الثالث بإقطاع عدة أقاليم ومدن.

بعد وفاة أرطغرل، تم تعيين ابنه الأصغر عثمان بن أرطغرل خلفًا له في الحكم بأمر من الأمير علاء الدين. ظل عثمان مخلصًا للدولة السلجوقية حتى سقوطها، ثم أسس الدولة العثمانية.

على مر الزمان، قام العثمانيون بالتوسع والتوغل في جميع أنحاء العالم الإسلامي وحتى أوروبا، مما جعل الدولة العثمانية تصبح إحدى أقوى الدول في العالم.

ورغم أن تاريخ أرطغرل لا يزال غامضًا إلى حد ما، إلا أن الأدلة المتاحة تشير إلى أنه كان شخصية هامة في تاريخ الدولة العثمانية.

بفضل توسع الدولة العثمانية ونجاحاتها، أصبح تاريخ أرطغرل وتاريخ الدولة العثمانية جزءًا لا يتجزأ من تاريخ العالم الإسلامي والعالم بشكل عام.

حيث تأسست الدولة العثمانية على يد عثمان بن أرطغرل، حكمت خلالها أراضٍ واسعة وشهدت توسعًا كبيرًا، واستمرت لعدة قرون.

القيم المشتركة بين الظاهر بيبرس وارطغرل

على الرغم من الفروقات الزمنية والجغرافية بين الظاهر بيبرس وارطغرل، إلا أنهما يتشاركان في العديد من القيم والمبادئ المهمة منها:

  • كلاهما كان قائدًا شجاعًا وحكيمًا، يضع مصلحة الأمة الإسلامية ورفع شأنها في مقدمة أولوياته.
  • عمل كل منهما على تعزيز التعاون بين القبائل والدول الإسلامية وتوحيدها في مواجهة الأعداء المشتركين.
  • تمتع كل منهما برؤية استراتيجية وقدرة على التكيف مع التحديات المختلفة.
  • ترك كل منهما بصمة لا يُمكن إنكارها على تاريخ الأمة الإسلامية من خلال جهودهما في الحفاظ على الإسلام والدفاع عن أراضي المسلمين وتوحيد القوى الإسلامية تحت راية واحدة.

لمعرفة المزيد عن الظاهر بيبرس إضغط هنا

لمعرفة المزيد عن أرطغرل إضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى