إسلاميات

الإمام الشافعي: الإمام المجدد وعالم العصر وثالث الأئمة الأربعة

المقدمة

ماذا تعرف عن الإمام الشافعي

الشافعي هو محمد بن إدريس الشافعي المطلبي القرشي، وُلِدَ في العام 150هـ / 767م، وتُوُفِّيَ في العام 204هـ / 820م. يُعَدُّ الشافعي ثالثَ الأئمةِ الأربعةِ عِنْدَ أهْلِ السُّنَّةِ والجَماعَةِ، وهُوَ مُؤَسِّسُ المذهبِ الشافعيِّ في الفقهِ الإسْلامِيِّ، وأحَدُ الأئمةِ البارزينَ في عِلْمِ الحديثِ والتفسيرِ. كَمَا عَمِلَ الشافعيُّ قاضِيًا واشْتُهِرَ بِٱلْعَدْلِ وٱلذَّكاءِ، وكان يَتَمَتَّعُ بِمَواهِبٍ أُخْرى مثْل: الشِّعْرِ، ورَمْيِ السَّهامِ، والسَّفَرِ.

كما يحَظّى الشافعيُّ بإشادة واسِعة من قِبَلِ العُلَماءِ، حَيْثُ وَصَفَهُ الإمامُ أحمدُ بأنَّهُ “كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس”. كما يقال إن الإمامَ الشافعيَّ هو إمامُ قريشٍ الذي ورد ذكره في حديث منسوب للنبي محمد. حيث يقول فيه: “سيأتي رجلٌ يملأ الأرض علماً من قريش”.

وُلِدَ الإمامُ الشافعيُّ في غزة عام 150 هـ، وانْتَقَلَتْ بِهِ والِدَتُهُ إلى مكة وهو يبلغ سنتين. وفي سن السابعة، حفظ القرآن الكريم، وحفظ الموطأ في سن العاشرة. ثم بدأ في السعي للحصول على المعرفة في مكة، حتى حصل على الإذن بالاجتهاد وهو لم يتجاوز العشرين.

وبعد ذلك، سافر الشافعيُّ إلى المدينة المنورة للتعلم من الإمامِ مالكِ بن أنسٍ، ثم انتقل إلى اليمن للعمل فيها. بعد ذلك، زار بغداد سنة 184 هـ ودرس عند القاضي محمد بن الحسن الشيباني، وأصبح طالباً للمذهب الحنفي. وبهذا، اجتمع لديه معرفة فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق (المذهب الحنفي). وعاد الشافعيُّ إلى مكة وعاش بها لمدة تسع سنوات، حيث قدَّم دروسه في الحرم المكي. وبعد ذلك، زار بغداد مرة أخرى، حيث كتب كتاب “الرسالة” الذي وضع فيه الأساس لعلم أصول الفقه. بعد ذلك، سافر إلى مصر حيث أعاد تصنيف كتاب الرسالة وبدأ في نشر مذهبه الجديد ومناظرة المخالفين وتعليم الطلاب.

في هذه المقالة سوف نستعرض معكم في موقع وثائقيه سيرة الإمام الشافعي رحمه الله، سنتعرف على أهم مؤلفاته وآرائه وأثره في الفقه والأدب والحضارة الإسلامية. نسأل الله أن ينفعنا بعلمه ويجزيه خير الجزاء على جهوده في نشر الدين والسنة. نتمنى لكم قراءة مفيدة وممتعة.

نسب الإمام الشافعي:

هو «أبـــو عـــبـــد الـــلـــه ، مـــحـــمـــد بـــن إدريـــس بـــن الـــعـــبـــاس بـــن عـــثـــمـــان بـــن شـــافـــع بـــن الـــســـائـــب بـــن عـــبـــيـــد بـــن عـــبـــد يـــزيـــد بـــن هـــاشـــم بـــن الـــمـــطـــلـــب بـــن عـــبـــد مـــنـــاف بـــن قـــصـــي بـــن كـــلـــاب بـــن مـــرة بـــن كـــعـــب بـــن لـــؤي بـــن غـــالـــب بـــن فـــهـــر بـــن مـــالـــك بــــن الـــنـــضـــر (وهو قريش) بـــن كـــنـــانـــة بـــن خـــزيـــمـــة بـــن مـــدركـــة بـــن إلـــيـــاس بـــن مـــضـــر بـــن نـــزار بـــن مـــعـــد بـــن عـــدنـــان الـــشـــافـــعـــي الـــمـــطـــلـــبي الـــقـــرشـــي».

أما نسب الإمام الشافعي من ناحية أمه فهناك اثنين من الأقوال بشأن نسب أم الإمام الشافعي.

1- القول الأول: يقول بأنها أزدية يمنية، واسمها فاطمة بنت عبد الله الأزدية،

وهو القول الصحيح المعروف الذي يوافق عليه الجميع، ويتم ذكره في جميع الروايات التي تتحدث عن نسب الشافعي.

2- القول الثاني: يزعم بأنها قرشية علوية، أي من نسل علي بن أبي طالب، وهو قول شاذ يخالف الإجماع.

وقد ذكر عن فخر الدين الرازي في هذا الصدد بأن نسب أم الإمام الشافعي فيه رأيان

1- الرأي الأول: رواه الحاكم أبو عبد الله الحافظ أنها “فاطمة بنت عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه”، وهذا القول شاذ.

2- الرأي الثاني: يقول بأنها أزدية يمنية، واسمها فاطمة بنت عبد الله الأزدية، وهو القول الصحيح.

أين ولد الإمام الشافعي:

كما وُلد الإمام الشافعي في إحدى مدن بلاد الشام، ويتفق معظم مؤرخي الفقهاء وكتاب طبقاتهم على أن المدينة التي وُلد فيها هي غزة وكان ذلك في عام 150 هـ.

ومع ذلك، فإن هناك بعض المؤرخين الذين يزعمون أنه وُلد في عسقلان بالقرب من غزة، وهناك آخرون يرون أنه وُلد في اليمن.

كما يعود سبب هذا الاختلاف إلى وجود ثلاث روايات مختلفة عن مكان مولد الإمام الشافعي.

1- الرواية الأولى: أن مولده كان بغزة، فقد روي عن محمد بـن عــبد الله بـن عـبد الـحـكـم أنه قال:

(قـــال لـــي مـــحـــمـــد بـــن إدريـــس الـــشـــافـــعـــي رضـي الـلـه عـنـه: «ولـــدت بـــغـــزة ســـنـــة خـــمـــســـيـــن أي خـــمـــســـيـــن ومـــائـــة، ونـــقـــلـــت إلـــى مـــكـــة وأنـــا ابـــن ســـنـــتـــيـــن»).

2- الرواية الثانية: أن مولده كان بعسقلان، فـعـن عـمـرو بـن سـواد أنـه قـال: (قـــال لـــي مـــحـــمـــد بـــن إدريـــس الـــشـــافـــعـــي رضـيَ الـلـه عـنـه: «ولـــدت بـــعـــســـقـــلان، ونـــقـــلـــت مـــع أمـــي إلـــى مـــكـــة علـــي ســـنـــتـــيـــن، وكانت شـــغـــفـــي فـــي أمـــريـــن، الــــرمـــي وطـــلـــب الـــعـــلـــم، فـــنـــلـــت مـــن الرمـــي حـــتـــى كـــنـــت أصـــيـــب مـــن الـــعـــشـــرة عـــشـــرة»، وســـكـــتَ عـــن الـــعـــلـــم، فـــقـــلـــت لـــه: «أنـــت والـــلـــه فـــي الـــعـــلـــم أكـــثـــر مـــنـــك فـــي الـــرمـــي».

3- الرواية الثالثة: أن مولده كان باليمن فـعـن عـبـد الـرحـمـن بـن أبـي حـاتـم أنـه قـال: (ســـمـــعـــت مـــحـــمـــداً بـــن إدريـــس يــــقـــول: ولـــدت بـــالـــيـــمـــن، فـــخـــافـــت أمـــي عـــلـــي الـــضـــيـــعـــة، وقـــالـــت: «ألْـــحِـــقْ بـــأهـــلـــك فـــتـــكـــون مـــثـــلـــهـــم، فـــإنـــي أخـــاف أن يُـــغـــلـــب عـــلـــى نـــســـبـــك»، فـــجـــهـــزتـــنـــي إلـــى مـــكـــة، فـــقـــدِمـــتـــهـــا وأنـــا ابـــن عـــشـــر أو شـــبـــهِـــهـــا، فـــصـــرت إلـــى نـــســـيـــب لــــي، وجـــعـــلـــت أطـــلـــب الــــعـــلـــم، فـــيـــقـــول لـــي: «لـــا تـــعـــجـــل بـــهـــذا وأقــــبـــل عـــلـــى مـــا يـــنـــفـــعـــك»، فـــجـــعـــلـــت لـــذتـــي فـــي هـــذا الـــعـــلم وطـــلـــبـــه حـــتـــى رزق الـــلـــه مـــنـــه مـــا رزق.

وروي عن الـإمـام الـذهـبـي:«قـــولـــه: «بـــالـــيـــمـــن» غــــلـــط، إلـــا إذا قـــصــــد بـــه الـــقـــبـــيـــلـــة، وهـــو مـــحـــتـــمـــلٌ ولـــكـــن يـــخـــالـــف الـــظــــاهـــر ».

نشأت الإمام الشافعي:

ترعرع الإمام الشافعي في عائلة فقيرة في فلسطين، وكانت تعيش في الأحياء اليمنية هناك.

كما توفي والده وهو صغير، فانتقلت أمه به إلى مكة المكرمة خوفاً على نسبه الشريف.

وكان الإمام الشافعي يبلغ من العمر سنتين فقط عندما انتقلوا إلى مكة، وذلك ليعيش بين أقربائه ويحصل على تعليمهم ويتشبث بثقافتهم، ويكون منهم.

عاش الشافعي في مكة حياة الفقراء على الرغم من نسبه الرفيع والشريف، إذ كان يهتم بالعيش ببساطة وتواضع حتى استقامة أموره.

بدأ الشافعي حفظ القرآن الكريم عندما كان في السابعة من عمره، وهذا يدل على ذكائه وقوة حفظه. بعد ذلك، توجه إلى حفظ الحديث النبوي، ونجح في حفظ موطأ الإمام مالك.

وقد ذكر عن الإمام الشافعي بأنه حفظ القرآن عندما كان في السابعة من عمره، وحفظ الموطأ عندما كان في العاشرة من عمره.

كان الشافعي يحضر مجالس المحدثين ليستمع إلى الحديث، ويحفظه بالسمع، ثم يكتبه على الخزف أو الجلود. يُظهر ذلك أن الشافعي كان يحب العلم ويهتم به منذ نعومة أظــفاره.

بالإضافة إلى حفظه للقرآن الكريم والأحاديث النبوية، اهتم الإمام الشافعي بتعلم اللغة العربية الفصحى، و لذلك سافر إلى البادية ولازم قبيلة هذيل وتعلم لغتهم وطباعهم الفصيحة.

ولما عاد إلى مكة، أبدع في الشعر والآداب والأخبار، وكان يعرف أشعار الهذيليين جيداً لدرجة أن الأصمعي صحح أشعارهم بمساعدته.

وكان الإمام الشافعي يقضي لياليه مع أبيه يستمع إلى الشعر ويحفظه، وفي بداية مسيرته، كان يركز على الشعر والأدب، ثم اهتم بالفقه بعد ذلك.

وعندما عاد إلى مكة، قام بمتابعة دروس الفقهاء والمحدثين فيها، وأتقن المعرفة بشكل كبير.

وبعد ذلك، منحه مــسـلم بـن خــالـد الـزنـجـي، مفتي مكة، الإذن بالفتوى، حيث قال له “أفـــت يـــا أبـــا عـــبـــد الـــلـــه، فـــقـــد آن الـــوقـــت بـــالـــنـــســـبـــة لـــك لـــتـــصـــدر الـــفـــتـــاوى”.

وقد ذكر انه كان يبلغ من العمر خمسة عشر عامًا، وقيل أنه كان في الثامنة عشرة، وقيل أنه كان في دون العشرين.

صفاته وأخلاقه:

1-ذكاء الإمام الشافعي وغزارة علمه:

شغل الشافعي الناس بعلمه وعقله في بغداد ومكة، حيث أثار انتباههم بفقه جديد يركز على الأصول بدلاً من الفروع.

وكان الشافعي ملمًا باللغة العربية والكتاب، وقادرًا على فهم مراميها ومعانيها. كما حفظ موطأ مالك ووضع ضوابط القياس والموازين لتحديد صحة الرأي والقياس.

وكان يحث الناس على طلب العلم، ويصفه بأنه يعزز قيمة القرآن ويجعل حجتهم قوية، ويعطي نبلًا للقدرة على فهم الفقه، ويرفع من قيمة الشخص الذي يفهم اللغة ويتمكن من الحساب. وكان مجلس الشافعي مكانًا جامعًا للنظر في عدة علوم.

2- كرم الإمام الشافعي وتواضعه:

وقد روي عن ذكاء الإمام الشافعي أنه كان يجلس مع الـحــمــيــدي ومــحــمــد بــن حــســــن يــنــظــرون إلــى الــنــاس، فمر رجل عليهم فقال له مــحــمـد بــن الــحــســن: «يـــا أبـــا عـــبـــد الـــلـــه انـــظـــر فـــي هـــذا»، فـــنـــظـــر إلـــيـــه وأطـــال، فـــقـــال ابــــن الـــحـــســــن: « أعـــيــــاك أمــــره؟ »، قــــال: «أعــــيـــانـــي أمـــره، لـــا أدري خـــيـــاط أو نـــجـــار»، قـــال الـــحـــمـــيـــدي: فـــقـــمـــت إلـــيـــه فــــقــلـــت لــــه: «مــــا صـــنـــاعـــة الـــرجـــل؟»، قـــال: «كـــنـــت نـــجـــاراً وأنـــا الـــيـــوم خـــيـــاط».

عرف الشافعي بتواضعه رغم كثرة وتنوع علمه،فكان يقول “لـــم ألـــتـــقِ بـــأحـــدٍ وأحــبـــبـــت أن يـــخـــطـــئ، وكـــل مـــا يـــدور فـــي عـــقـــلـــي مـــن عـــلـــم، أتـــمـــنـــى أن يـــكـــون مــــعـــروفًـــا لـــدى الـــجـــمـــيـــع دون أن يُـــنـــســـب إلـــيّ”.

كما روى الربيع بن سليمان أن الشافعي أخبره عن كتبه وقال “أودّ لـــو كـــان الـــنـــاس يـــعـــرفـــون مـــا فـــيــــها، ولـــم يـــنـــسبـــوا إلـــيّ شـــيـــئًـــا”.

كما نقل حرملة بن يحيى عن الشافعي أنه قال “أتـــمـــنـــى أن يـــتـــعـــلـــم الـــنـــاس كـــل عـــلـــمٍ أعـــرفـــه، حـــتـــى يـــســـتـــفـــيـــدوا مـــنــ.ه، ولـــا يـــحـــمـــدونـــنـــي عـــلـــيـــه”.

وقد ذكر عن أحمد بن حنبل بأن الشافعي قال له ولغيره “أنـــتـــم أعـــلـــم بـــالـــحـــديـــث والـــرجـــال مـــنـــي، فـــإذا كـــان الـــحـــديـــث صـــحـــيـــحًـــا فـــأخـــبـــرونـــي بـــه، ســـواء كـــنـــتُ مـــن أهـــل الـــكـــوفـــة أو الـــبـــصـــرة أو الـــشــــام، حـــتـــى أزور الـــشـــخص الـــذي نـــقـــل الـــحـــديـــث الـــصـــحـــيـــح إذا لـــزم الـــأمـــر”.

كما عرف الناس الشافعي بالكرم والسخاء، ومن أمثلة ذلك قول الربيع بن سليمان، “تـــزوجـــت وســـألـــنـــي الـــشـــافـــعـــي: “كــــم دفـــعـــت لـــهـــا مـــهـــراً؟”، فـــأجـــبـــتـــه بـ(ثـــلاثـــيـــن ديـــنـــار)، فـــقـــال لـــي: “ومـــا هـــو الـــمـــبـــلـــغ الـــذي قـــدمـــتـــه لـــهـــا؟”، فـــأجـــبـــتـــه بـ(ســـتـــة دنـــانـــيـــر)، فـــصـــعـــد إلـــى مـــنـــزلـــه وأرســـل لـــي بـــصـــرة تـــحـــتـــوي عـــلـــى أربـــعـــة وعـــشـــريـــن ديـــنـــاراً”

3- ورع الإمام الشافعي وعبادته:

وورد عن عمرو بن سواد السرحي أن: (الـــشـــافـــعـــي كـــان مـــن أشـــد الـــنـــاس ســـخـــاءً عـــنـــدمــا يـــتـــعـــلـــق الـــأمـــر بـــالـــمـــال والـــطـــعـــام. وقـــال لـــي الـــشـــافـــعـــي: “لـــقـــد تـــعـــرضـــت لـــثـــلاث إفـــلاســـات فـــي حـــيـــاتـــي، وكـــنـــت أبـــيـــع مـــمـــتـــلــــكــــاتـــي الـــقـــلـــيـــلـــة والـــكـــثـــيـــرة، ولم أقترض أبدًا”.

كما ذكر عن الإمام الشافعي أنه كان كثير الورع والعبادة حيث كان يختم القرآن الكريم كل ليلة ختمة كاملة، فإذا جاء شهر رمضان ختم كل ليلة ختمة، وكل يوم ختمة، حيث كان يختم القرآن الكريم في شهر رمضان ستون ختمة.

كما ذكر عن الــربـيـع بـن سـلـيمـان المــرادي الـمـصـري أنـه قـال: «كـــان الــــشـــافـــعـــي يـــخـــتـــم الـــقـــرآن فـــي شـــهـــر رمـــضـــان ســـتــــيـــن مـــرة، كـــل ذلك فــــي صـــلاة».

4- حبه لطلب العلم:

وورد عن الحـسـيـن بـن عـلـي الـكـرابـيـسـي: «بــــتُّ مـــع الـــشـــافـــعـــي ثـــمـــانـــيـــن لـــيـــلـــة، كـــان يـــصـــلي نـــحـــو ثـــلـــث الـــلــيـــل، لـــا يـــمـــر بـــآيـــة رحـــمـــة إلـــا ســـأل الـــلـــه لـــنـــفـــســـه ولـــلـــمـــؤمـــنـــيـــن أجـــمـــعـــيـــن، ولـــا يـــمـــر بـــآيـــة عـــذاب إلـــا تـــعـــوّذ بالـــلـــه مـــنـــهـــا، وســـأل الـــنـــجـــاة لـــنـــفـــســـه ولـــجـــمـــيـــع الـــمـــســلـــمـــــيـــن، وكـــأنـــمـــا جُــــمــــع لـــه الـــرجـــاءُ والــــرهـــبــــةُ».

كان الإمام الشافعي يدعو لطلب العلم حيث كان يقول: «مـــن تـــعـــلـــم الــــقـــرآن عـــظـــمـــت قـــيـــمـــتـــه، ومـــن كـــتـــب الــــحـــديـــث قــــويـــت حـــجـــتـــه، ومـــن نـــظـــر فـــي الـــفـــقـــه نـــبُـــل قــــدره، ومـــن نـــظـــر فـــي الـــلـــغـــة رَقَّ طـــبــعُـــه، ومـــن نـــظـــر فـــي الـــحـــســـاب جــــزل رأيــــه، ومـــن لـــم يـــصـــن نـــفـــســـه لـــم يـــنـــفـــعـــه عـــلـــمـــه».

وورد عن الحميدي أنه قال: («كـــان الـــشـــافـــعـــي ربـــمـــا ألـــقـــى عـــلـــي وعـــلـــى ابـــنـــه أبـــي عـــثـــمـــان الـــمـــســـألـــة، فـــيـــقـــول: «أيـــكـــما أصـــاب فـــلـــه ديـــنـــار»)

وعن الـربـيـع بـن سـلـيـمـان أنه قال: “ســـمـــعـــت الـــشـــافـــعـــي يـــقـــول: «طـــلـــب الـــعـــلـــم أفـــضـــل مـــن صـــلاة الـــنــــافـــلــــة».

أساتذه:


كما تلقى الإمام الشافعي العديد من دروس الفقه والحديث من أساتذته، الذين كانوا منتشرين في أماكن مختلفة ولديهم مناهج مختلفة.

حتى أن بعضهم كان ينتمي إلى المدرسة المعتزلة التي كان الشافعي يعارضها. ومع ذلك، استفاد الشافعي من خبراتهم ومعرفتهم، وأخذ ما يراه صحيحًا ويتوافق مع مبادئه، وتجاهل ما يخالفها.

تعلم الشافعي من أساتذته في مكة والمدينة واليمن والعراق، وروى عن العديد من الأساتذة، بما في ذلك 20 من الأساتذة المشهورين في الفقه والفتوى.

ومن بينهم خمسة من مكة، وستة من المدينة، وأربعة من اليمن، وخمسة من العراق.

  • أساتذته من أهل مكة:

1- ســـفـــيــــان بـــن عـــيـــيـــنـــة بـــن أبـــي عـــمـــران الهـــلالـــي.

2- مـــســـلـــم بـــن خـــالـــد بـــن فـــروة الـــزنــــجــــي.

3- ســـعـــيـــد بـــن ســـالـــم الـــقــــداح.

4-داوود بـــن عـــبـــد الـــرحـــمــــن العــــطــــار.

5- عـــبـــد الـــمـــجـــيـــد بــــن عـــبـــد الـــعـــزيـــز بـــن أبـــي رواد.

  • أساتذته من أهل المدينة:

1- مـــالـــك بـــن أنـــس بـــن مـــالـــك الأ صـــبـــحـــي الـــمــــدنـــي.

2- إبـــراهـــيـــم بـــن ســـعـــد بــــن إبــــراهــــيـــم الـــزهـــري.

3- مـــحـــمـــد بـــن أبـــي ســـعـــيـــد بـــن أبــــي فُـــدَيْـــك.

4- عـــبـــد الـــعـــزيـــز بـــن مـــحـــمـــد بـــن عـــبـــيـــد بـــن أبــــي عـــبـــيـــد الـــدراوردي.

5- إبـــراهـــيـــم بـــن مـــحـــمـــد بـــن أبـــي يـــحـــيـــى الأســـلـــمي.

6- عـــبـــد الـــلـــه بــــن نــــافـــع الـــصـــائـــغ.

  • أساتذته من أهل اليمن:

1- مُـــطَــــرَّف بــــن مــــازن الـــصــــنــــعـــانـــي.

2- عـــمـــرو بـــن أبـــي ســـلـــمـــة الـــتـــنـــيـــســـي، وهـــو صـــاحـــب الأوزاعـــــي.

3- هـــشـــام بـــن يـــوســـف الـــصـــنـــعـــانـــي قـــاضـــي صـــنـــعـــاء.

4- يـــحـــيـــى بـــن حـــســـان بـــن حـــيـــان الــــتـــنـــيـــســـي الـــبـــكـــري وهـــو صـــاحـــب الـــلــيـــث بـــن ســـعـــد.

  • أساتذته من أهل العراق:

1- مـــحـــمـــد بـــن الـــحـــســــن بــــن فـــرقـــد الـــشــــيـــبـــانـــي الـــحـــنـــفـــي.

2- وكـــيـــع بــــن الـــجـــراح بـــن مـــلـــيـــح الـــرؤاســـي الـــكـــوفـــي.

3- حـــمـــاد بــــن أســــامـــة بـــن زيـــد أبـــو أســـامـــة الـــكـــوفـــي.

4- إســـمـــاعـــيـــل بـــن إبـــراهـــيـــم بـــن مـــقـــســـم الـــبـــصـــري.

5- عـــبـــد الـــوهـــاب بـــن الـــمـــجـــيـــد بـــن الـــصـــلـــت الـــثـــقـــفـــي الـــبـــصـــري.

ذرية الإمام الشافعي:

كما أنجبَ الشافعي أربعةَ أبناءٍ ، همٌ : محمدْ ( أبو عثمانْ ) ، وفاطمة ، وزينبْ منْ أمٍ واحدةٍ ، ومحمدْ ( أبو الحسنْ ) منْ جاريتهِ المسماةِ دنانير .

أما بالنسبة لمحمدْ بنْ الشافعي: فهوَ الشيخُ أبو عثمانْ القاضي ، وهوَ أكبرُ أولادِ الشافعي. وعندما توفيَ والدهُ كانَ بالغا مقيما بمكة.

وهوَ الذي قالَ لهُ الإمامْ أحمدْ بنْ حنبلْ : ” إنـــي لأحـــبـــكَ لـــثـــلاث خـــلال : أنـــكَ ابـــنُ أبـــي عـــبـــدَ الـــلـــه ، وأنــــكَ رجـــلُ مـــنْ قـــريـــشِ ، وأنـــكَ مـــنْ أهـــلِ الـــســـنـــه “.

وقيلَ إنهُ وليُ القضاءِ ببغداد ، وقيلَ أنَ هذا غيرُ صحيحٍ ، إنما وليُ القضاءِ بالجزيرةِ العربيةِ وأعمالها. وولي أيضا القضاءَ بمدينةِ حلبَ ، وبقيَ بها سنينَ كثيرةً.


و بالإضافة إلى ذلك إن الإمام الشافعي له ثلاثة أبناء، ومنهم العباس بن محمد بن محمد بن إدريس: وسئل الشيخ الشافعي عن اسم أبي عثمان، فأجاب بأنه اسمه المفضل هو محمد. كما كان لأبي عثمان مناظرة مع الإمام أحمد بن حنبل في مسألة جلود الميتة المدبوغة.

بينما روى محمد بن محمد بن إدريس الشافعي أن أحمد بن حنبل قال له: “أبـــوك هـــو واحـــد مـــن الـــســـتـــة الـــذيـــن أدعـــو لـــهـــم فـــي الـــســـحـــر”.

و بالإضافة إلى ذلك فإن الإمام الشافعي له ولد آخر يحمل اسم محمد أيضًا ويُلقب بأبو الحسن، وهو ابن جارية اسمها دنانير.

كما قيل إنه قدم إلى مصر مع أبيه وهو صغير، وتوفي فيها في شعبان سنة 231 هـ. ولم يتم ذكر أي معلومات عن ابنته فاطمة.

طلاب ورواته:

تلقى العديد من طلاب العلم والمتفقّهين تعليمهم من الإمام الشافعي، وذلك حسب ما روى عنه، ومنهم:

1- إبـــراهـــيـــم بـــن خـــالـــد بـــن أبـــي الـــيـــمـــان أبـــو ثـــور الـــكـــلـــبـــي الـــبـــغـــدادي.

2- أحـــمـــد بـــن مـــحـــمـــد بـــن حـــنـــبـــل بـــن هـــلال بـــــن أســـد الـــذهـــلـــي وهـــو أحـــد الأئـــمـــة الأربـــعـــة.

3- إســـمـــاعـــيـــل بـــن يـــحـــيـــى بـــن إســـمــــاعــــيـــل بــــن عـــمـــرو بـــن إســـحـــاق أبـــو إبـــراهـــيـــم الـــمـــزنـــي الـــمـــصـــري قـــال فـــيـــه الــــشــــافـــعـــي :«الـــمـــزنـــي نـــاصـــر مـــذهـــبـــي».

4- الـــحـــارث بـــن أســـد أبـــو عـــبـــد الـــلـــه الـــمــــحـــاســــبــــي، أحـــد مـــشـــايــــخ الـــصـــوفـــيـــة.

5- الـــحـــارث بـــن ســـريـــج الـــبــــغـــدادي أبـــو عـــمـــرو الـــنــــقـــال.

6- حـــرمـــلـــة بـــن يـــحـــيـــى بـــن عـــبـــد الـــلـــه بـــن حـــرمـــلـــة بـــن عـــمـــران الـــتـــجـــيـــبـــي أبـــو حـــفـــص الــــمـــصــــري.

7- الــــحـــســـن بـــن مــــحـــمـــد بـــن الـــصـــبــــاح أبـــو عـــلـــي الـــبـــغـــدادي الـــزعـــفـــرانـــي.

8- الـــحـــســـيــــن بــــن عـــلـــي بــــن يـــزيـــد أبــــو عـــلــــي الــــبـــغـــدادي الــــكـــرابــــيــــســــي.

9- الـــربـــيـــع بـــن ســـلـــيـــمـــان بــــن داود الــــجــــيــــزي أبـــو مـــحـــمـــد الأزدي.

10- الــــربـــيـــع بــــن ســــلــــيـــمــــان بـــن عـــبـــد الـــجـــبـــار بـــــن كــــامـــــل الــــمـــرادي.

قــــال فــــيـــه الــــشـــافـــعـــي: «الـــربـــيـــع راويـــتـــي»، وقـــيـــل أنـــه آخـــر مـــن روى عـــن الـــشـــافـــعـــي بـــمـــصـــر.

11- عـــبـــد الـــلــــه بـــن الــــزبــــيـــر بـــن عـــيـــســـى بـــن عـــبـــيـــد الـــلـــه الأســــدي الــــقـــرشـــي، الإمــــام أبـــو بـــكــــر الـــحـــمـــيـــدي الـــمـــكـــي.

12- يـــوســـف بـــن يـــحـــيـــى الـــقـــرشــــي أبـــو يـــعـــقـــوب الـــبـــويـــطـــي المـــصـــري.

قـــال فـــيــــه الـــشـــافـــعـــي: «لـــيـــس أحــد أحـــق بـــمــــجـــلـــســــي مـــن أبـــي يـــعـــقــــوب، ولــــيــــس أحـــد مـــن أصـــحـــابـــي أعـــلـــم مـــنـــه».

13- ســـلـــيـــمـــان بـــن داود بـــن عـــلـــي بـــن عـــبـــد الـــلـــه بـــن عـــبـــاس، أبـــو أيـــوب الـــهـــاشـــمـــي الـــقـــرشـــي الـــبـــغـــدادي.

14- عـــبـــد الـــعـــزيـــز بـــن يـــحـــيـــى بـــن عـــبـــد الـــعـــزيـــز بـــن مـــســـلـــم بـــن مـــيـــمـــون أبـــو الـــحـــســـن الـــكـــنـــانـــي الـــمـــكـــي.

15- بـــحـــر بـــن نـــصـــر بـــن ســـابـــق الـــخـــولانـــي، أبـــو عـــبـــد الـــلـــه الـــمـــصـــري.

كيف مات الشافعي:

توفي الإمام الشافعي في آخر ليلة من شهر رجب في العام 204 هـ وكان عمره 54 عامًا.

ذكر عن الربيع بن سليمان أنه قال: «تـــوفـــي الـــشـــافـــعــي فـــي لـــيـــلـــة الـــجـــمـــعـــة، عـــقــب صـــلاة الـــعـــشـــاء بـــعـــد صـــلاتـــه لـــلـــمـــغـــرب فــــي الـــيــــوم الآخــــيـــر مـــن رجـــب، وقـــمـــنـــا بـــدفـــنـــه يـــوم الـــجـــمـــعـــة، فـــلــما انـــصـــرفـــنـــا ، وجـــدنـــا هـــلال شـــعـــبـــان، لـــســـنـــة أربــــع ومــــائـــتـــيــــن»

قبر الإمام الشافعي:

تم بناء قبر الإمام الشافعي أو قبة الإمام الشافعي على شكل غرفة مربعة محاطة بأربعة حوائط سميكة، وعلى قمة هذه الغرفة تم بناء قبة ترتفع حتى 27 مترًا من سطح الأرض.

كما تتألف القبة من طبقتين: الأولى داخلية خشبية، والثانية خارجية مصنوعة من الرصاص، وللقبر ثلاثة محاريب تتجه نحو مكة.

وتقع الأبواب في الحوائط الشرقية والشمالية، بينما تغطي الحوائط الداخلية بالرخام.

قام السلطان صلاح الدين ببناء تابوت ووضعه فوق قبر الإمام الشافعي في عام 1178 م،

كما يتألف التابوت من خشب الساج الهندي المزخرف بحليات دقيقة وآيات من القرآن الكريم.

تم إنشاء مسجد يحتوي على ضريح الإمام الشافعي، وتتواجد على قمة القبة من الخارج عشاري من النحاس الأصفر ترمز إلى علم الإمام الشافعي.

ويعتبر هذا القبر واحدًا من أكبر الأضرحة المفردة في مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى