إسلاميات

الإسلام: ثاني أكبر ديانا في العالم – تاريخها وتأثيرها وانتشارها

مقدمة

تعرف على ثاني أكبر ديانا في العالم: الإسلام

الديانات هي مجموعات من المعتقدات والشعائر والأخلاق التي تنظم حياة البشر في علاقتهم بالخالق وببعضهم البعض. تختلف الديانات في أصولها وتاريخها وانتشارها وتأثيرها على الحضارات الإنسانية. من بين هذه الديانات، يبرز الإسلام كثاني أكبر ديانا في العالم من حيث عدد المتبنين لها، وأسرعها نمواً وانتشاراً في العصر الحديث. فما هو الإسلام؟ وكيف بدأ؟ وأين يتوزع المسلمون في العالم؟ وما هي مظاهر تنوعهم وتجديدهم؟ هذه هي أسئلة سنحاول الإجابة عليها في موقع وثائقيه في هذا المقال.

مفهوم الإسلام

الإسلام هو دين سماوي يُؤَمِن بوحدانية الله تعالى، وبأنّ محمداً صلى الله عليه وسلَّم هو خاتم الأنبياء والرسل، وبأنّ القرآن هو كلام الله المنزَّل على رسوله، وبأنّ هذا الدين هو خاتِمُ الشَّرائِعِ، وخيرُ دِيْنٍ عِنْدَ اللَّهِ. كلمة “إسلام” تعني “التسليم” أو “الانقياد” لأوامر الله تعالى، و”السلام” أو “الطَّمَأْنِيْنَةُ” التِّى تَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ بِذَلِكَ. المُسْلِمُ هُوَ مَنْ أَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَقَامَ الصَّلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلاً.

تاريخ الإسلام

بدأ الإسلام في مكة المكرمة في القرن السابع الميلادي، حيث نزلت أولى آيات القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في غار حراء، وبدأ بالدعوة إلى التوحيد والإصلاح والعدل. واجه النبي وأصحابه مقاومة شديدة من قبل المشركين في مكة، فهاجروا إلى المدينة المنورة، وأسسوا هناك أول دولة إسلامية. انتشر الإسلام بعد ذلك في شبه الجزيرة العربية، ثم في بلاد الشام والعراق ومصر والمغرب وفارس والأناضول والأندلس وغيرها من الأقطار. شهد التاريخ الإسلامي تأسيس خلافات ودول وإمارات وسلطنات مختلفة، كما شهد ظهور مذاهب وفرق وتيارات متعددة. كان للإسلام دور كبير في تشكيل حضارات عظيمة في العلوم والفنون والأدب والفلسفة والقانون وغيرها من المجالات.

انتشار الإسلام

الإسلام هو ثاني أكبر ديانا في العالم من حيث عدد المعتنقين بعد المسيحية، وهو الدين الأسرع نمواً في العالم أيضاً. كما يُقدر عدد المسلمين حالياً بحوالي 1.6 مليار نسمة، أَيُّ مَا نِسْبَتُهُ 24% مِنْ عَدَدِ سُكَّانِ الْعَالَمِ، وَذَلِكَ بِحَسَبِ تَقْدِيرٍ لِمَرْكَزِ بِيُو لِلْأَبْحَاثِ.

يتوزّع المسلمون في مختلف أقطار العالم، لكن تركزهم الأكبر يكون في آسيا وإفريقيا. تُعتبر إندونيسيا هي أكبر دولة إسلامية من حيث عدد المسلمين، حيث يشكّلون نحو 87% من سكانها. تليها باكستان ثم نيجيريا ثم بنغلادش ثم مصر. كما يوجد في أوروبا نحو 44 مليون مسلم، يشكّلون نحو 6% من سكانها. أما في أمريكا الشمالية فتقدّر نسبة المسلمين بـ1% من سكانها.

تاريخ انتشار الإسلام يبدأ منذ ظهوره في شبه الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي، حيث بدأ النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة إلى التوحيد والإيمان بالله ورسوله. بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، تولى خلفاؤه -رضوان الله عليهم- مسؤولية نشر الإسلام في المناطق المجاورة، وفتحوا بلاد فارس والشام ومصر والعراق وشمال أفريقيا والأندلس.

في القرون التالية، امتد تأثير الإسلام إلى آسيا وأوروبا وأفريقيا، بفضل جهود التجار والمستكشفين والعلماء والفلاسفة والصوفية وغيرهم من المبشرين بالإسلام. كما كان للإسلام دور كبير في تشكيل حضارات عظيمة مثل الخلافة العباسية والأندلسية والفاطمية والأغولية والصفوية والعثمانية وغيرها.

وفقاً لدراسات حديثة، فإن الإسلام سيصبح أكبر ديانا في العالم بحلول عام 2070، نظراً لصغر سن المسلمين مقارنة بغيرهم من المجتمعات، وارتفاع معدلات الخصوبة لديهم، وزيادة التحولات الدينية إلى الإسلام.

مصادر التشريع الإسلامي

مصادر التشريع الإسلامي هي الأدلة الشرعية التي يستنبط منها الأحكام الشرعية في مختلف المسائل الدينية والدنيوية. وهي تتنوع بين ما هو متفق عليه بين جمهور العلماء، وما هو مختلف فيه بين المذاهب الفقهية. وفيما يلي بيان لأهم مصادر التشريع في الدين الإسلامي ثاني أكبر ديانا في العالم بالترتيب:

المصادر التشريعية المتفق عليها

  • القرآن الكريم: هو كلام الله تعالى المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام، وهو أول وأعظم مصدر للتشريع الإسلامي، ففيه أحكام عامة وخاصة، وقواعد أصولية وفروعية، وأساسات عقائدية وشرعية، وهداية لكل مكان وزمان.
  • السنة النبوية: هي كل ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، من غير القرآن الكريم، وهي ثاني مصدر للتشريع الإسلامي، ففيها تفصيل لما ضبط في القرآن، وتبيان لما اجمل فيه، وتحديد لما عم فيه، وتقديم لما تأخر فيه، وتأخير لما تقدم فيه.
  • الإجماع: هو اتفاق المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر من العصور على حكم شرعي في مسألة من المسائل، سواء كان ذلك بالنطق أو بالصمت. وهو ثالث مصدر للتشريع الإسلامي، ففيه حجة قطعية على صحة الحكم المجمع عليه، وبراءة من المخالفة له.
  • القياس: هو إثبات حكم لم يرد فيه دليل شرعي بناء على حكم ورد في دليل شرعي لاشتراك هذين الأمرين في علة واحدة. وهو رابع مصدر للتشريع الإسلامي، ففيه استنباط حكم جديد من حكم قديم بالاستدلال على سبب المشابهة بينهما.

المصادر التشريعية المختلف في حجيتها

  • الاستحسان: هو ترجيح حكم على حكم آخر قائم على دليل شرعي قوى؛ لوجود دليل شرعى أقوى منه يستحسن به التغير عن ذلك الحكم.
  • الاستصلاح أو المصالح المرسلة: هو اعتبار المصالح التى تتعلق بالمسائل الشرعية التي لم يرد فيها نص شرعي صريح، ولا يوجد لها علة مشتركة مع مسألة أخرى، ولا يمكن الاستدلال عليها بالقياس.
  • الاستصحاب: هو الثبوت على الحكم الأصلي في المسألة التي لم يثبت فيها حكم جديد بدليل شرعي قطعي.
  • العرف: هو ما اعتاده الناس في أمورهم الدنيوية، وهو معتبر في التشريع الإسلامي إذا كان موافقاً للشرع، أو غير مخالف له.

المذاهب الفقهية الإسلامية

المذاهب الفقهية الإسلامية هي الطرق والمناهج التي اتبعها العلماء والفقهاء في فهم وتفسير الشريعة الإسلامية واستنباط الأحكام من مصادرها الأصلية. هذه المذاهب تعكس تنوع وثراء التراث الإسلامي وتحترم اختلاف الآراء والاجتهادات في ضوء الدليل والمصلحة.

من بين المذاهب الفقهية الإسلامية، أربعة مذاهب سنية وثلاثة مذاهب شيعية هي الأكثر شيوعاً وانتشاراً في العالم الإسلامي. هذه المذاهب هي:

المذاهب السنية

  • المذهب الحنفي: نسبة إلى الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت (80-150 هـ)، وهو أول المذاهب ظهوراً وانتشاراً. نشأ في الكوفة واتسع بدعم من الدولة العباسية. كما يعتمد على القرآن والسنة والقياس والاستحسان والعرف وقول الصحابي. يتميز بالتسامح والوسطية والانفتاح على التطورات المجتمعية. من أشهر كتبه كتاب “المبسوط” للسرخسي، وكتاب “بدائع الصنائع” للكاسان.
  • المذهب المالكي: نسبة إلى الإمام مالك بن أنس (93-179 هـ)، وهو ثاني المذاهب ظهوراً. نشأ في المدينة المنورة وانتشر في بلاد المغرب والأندلس. يعتمد على القرآن والسنة والإجماع والقياس وعمل أهل المدينة والاستصلاح. يتميز بالاتزان بين الأصول النقلية والعقلية، والأخذ بظواهر الأدلة دون تأويل. من أشهر كتبه كتاب “المدونة” للإمام مالك، وكتاب “الموطأ” لابن عبد البر.
  • المذهب الشافعي: نسبة إلى الإمام محمد بن إدريس الشافعي (150-204 هـ)، وهو ثالث المذاهب ظهوراً. نشأ في مكة المكرمة وانتشر في مصر والشام وجزيرة العرب. يعتمد على القرآن والسنة والإجماع والقياس، مع تفضيل سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قول الصحابي. كما يتميز بضوابط صارمة للاستدلال، مع التفصيل في التقسيمات والأحوال. من أشهر كتبه كتاب “الأم” للشافعي، وكتاب “الروض” للنووي.
  • المذهب الحنبلي: نسبة إلى الإمام أحمد بن حنبل (164-241 هـ)، وهو رابع المذاهب ظهوراً. نشأ في بغداد وانتشر في العراق والشام. يعتمد على القرآن والسنة والإجماع والقياس، مع التحري في الأحاديث والتمسك بظواهرها. يتميز بالتقوى والورع والتزام السنة دون تأويل أو تقدير. من أشهر كتبه كتاب “المغني” لابن قدامة، وكتاب “الإنصاف” لابن مفلح.

المذاهب الشيعية

  • المذهب الجعفري: نسبة إلى الإمام جعفر الصادق (83-148 هـ)، وهو أكبر المذاهب الشيعية. يعتمد على القرآن والسنة والإجماع والعقل، مع اعتبار أحاديث الأئمة من آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- مصدراً شرعياً. كما يتميز بالولاء لأهل البيت والبراءة من أعدائهم، والاعتقاد بولاية الأئمة المعصومين. من أشهر كتبه كتاب “وسائل الشيعة” للحر العاملي، وكتاب “الحدائق” للنجاشي.
  • المذهب الزيدي: نسبة إلى الإمام زيد بن علي (79-122 هـ)، وهو أحد المذاهب الشيعية. يعتمد على القرآن والسنة والإجماع والقياس، مع اختلاف في بعض المسائل مثل خلافة علي -رضي الله عنه- وولاية آل بيته. يتميز بالجهاد في سبيل الله والخروج على الطاغوت، والاختيار بين أئمة آل بيت النبوة. من أشهر كتبه كتاب “الأزهار” للقاسم بن إبراهيم، وكتاب “الأصول” لأحمد بن يحيى.
  • المذهب الإباضي: نسبة إلى عبد الله بن إباض (110-179 هـ)، وهو أحد المذاهب الخارجية. يعتمد على القرآن والسنة والإجماع والقياس، مع اختلاف في بعض المسائل مثل حكم المذنب وخلافة المسلمين. كما يتميز بالبراءة من كل من خالف دعوة التوحيد، والولاء لكل من اجتهد في طاعة الله. من أشهر كتبه كتاب “طبقات المشائخ” لأبو سعيد، وكتاب “شرح مختصر التحرير” لأبو يعقوب.

تأثير الدين الإسلامي

الدين الإسلاميهو ثاني أكبر ديانا في العالم وهو دين سماوي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم والسنة النبوية. بالتالي فإن لهذا الدين تأثيرات عديدة في حياة المسلمين والعالم بشكل عام. من هذه التأثيرات:

تأثير الدين الإسلامي في الحياة الدينية

إن الإسلام جاء ليهدي الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ولينظم شعائرهم وعباداتهم بما يرضي الله ويرفع من شأنهم. فالإسلام أقام الصلاة والزكاة والصوم والحج كركائز أساسية لتقوية العلاقة بين العبد وربه، وبين العبد وإخوانه. كما أن الإسلام حث على التقرب إلى الله بالدعاء والذكر والتوبة والاستغفار وغيرها من الأعمال الصالحة

تأثير الدين الإسلامي في الحياة الإجتماعية

إن الإسلام جاء ليحقق المحبة والتآخي والتعاون بين المسلمين، وليضع قواعد وأخلاق لتنظيم تعاملاتهم مع بعضهم ومع غيرهم من الناس. فالإسلام أوصى بحقوق الجار والصديق والضيف واليتيم والفقير والمسكين، وأمر ببر الوالدين وصلة الرحم وحسن المعاشرة، ونهى عن الظلم والغش والغيبة والنميمة، وجعل من المجتمع المسلم أُمةً وسطًا قائمةً على التوحيد والشورى

تأثير الدين الإسلامي في الحياة الثقافية

إن الإسلام جاء ليرفع من شأن المسلمين في علومهم وفكرهم، وليلبِّئ حاجاتهم المادية والروحية. فالإسلام حث على طلب العلم، وجعل من قراءة القرآن مصدرًا للاستزادة من خزائنه، كما أثَّر في تشكيل شخصية المسلم المتوازنة بين التديُّن والتحضر، وأوجد نظرة كلية للتعامل مع الوجود بصورة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وساعد في بناء علاقات ثقافية سليمة مع الآخر، ومقارنة الثقافة الإسلامية بالثقافات الأخرى

تأثير الدين الإسلامي في الحياة السياسية

إن الإسلام جاء ليحقق العدل والحرية والكرامة للمسلمين، وليضع أسسا ومبادئ لحكمهم وإدارتهم لشؤونهم. فالإسلام أقام نظام الخلافة الذي ينتخب فيه الخليفة من قبل المسلمين، ويشاورهم في الأمور، ويحاسبهم على أعمالهم، ويحكم بينهم بالقرآن والسنة. كما أن الإسلام أوصى بالجهاد في سبيل الله لنصرة المظلومين ودفع العدوان، وأكَّد على حفظ حقوق الأقليات والمعاهدات مع الدول الأخرى

هذه بعض من آثار الدين الإسلامي في مختلف جوانب الحياة، وهي تدل على شمولية هذا الدين وكماله، وعلى حاجة المسلمين إلى التمسك به والعودة إليه.

تجديد الإسلام

الإسلام هو دين حيّ يتجدّد مع تغير الأحوال والظروف، بحيث يستجيب لحاجات المسلمين في كل زمان ومكان. يقوم التجديد في الإسلام على استنباط الأحكام من المصادر الأصلية للشريعة، ألا وهي القرآن والسنة، بالاستعانة بأدوات علمية مثل الإجماع والقياس والمقاصد وغيرها. والاجتهاد في الأمور المستجدة، وإزالة ما علق بهذا الدين من تشويه وانحراف. كما أن هذا المفهوم مستمد من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ يبعَثُ لِهذِه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سَنةٍ من يجدِّدُ لَها دينَها). يهدف التجديد إلى إبراز مرونة الإسلام وتحقيق مصالح المسلمين في دينهم ودنياهم. كما قام بالتجديد في الإسلام عديد من العلماء والمفكرين في مختلف العصور، مثل ابن تيمية وابن خلدون وابن عبد الوهاب في الماضي، ومحمد عبده وجمال الدين الأفغاني وحسن البنا في الحاضر.

خاتمة

في هذا المقال، تحدثنا عن ثاني أكبر ديانا في العالم: الإسلام. شرحنا مفهوم الإسلام، وذكرنا تاريخه، ومصادر التشريع فيه، والمذاهب الفقهية، وتأثيره، وأشرنا إلى انتشاره، وأوضحْنَا تَجَدِّيْدهُ. نأمُلُ أَنْ نَكُوْنَ قَدْ قَدَّمْنَا لَكُمْ مَعْلُوْمَاتٍ شَافِيَةٍ عَنْ هَذَا المَوْضُوْعِ المُهِمِّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى