أقوال السلف في جبر الخواطر: كيف تستفيد منها في حياتك؟

المقدمة:
تعرف على أقوال السلف في جبر الخواطر
جبر الخواطر هو من أجلّ الأعمال وأنبل الأخلاق التي يحثّنا عليها ديننا الحنيف، وهو من سمات المؤمنين الصادقين الذين يتعاونون على البر والتقوى، ويتحابون في الله، ويتراحمون فيه، ويتعاطفون مع بعضهم البعض في السراء والضراء.
فما أجمل أن نجد من يُعزّينا في حزننا، ويُساندنا في شدّتنا، ويُبشّرنا بالخير في كربتنا، ويُشاركنا الفرح في سعادتنا. وما أروع أن نكون نحن هؤلاء الذين نجبر خواطر إخواننا المسلمين، ونُسعدهم بكلمة طيبة أو فعل حسن أو دعاء مخلص.
ولقد كان السلف الصالح قدوة حسنة في هذه الصفة الجميلة، فقد تركوا لنا الكثير من الأقوال والأفعال التي تُبيِّن مدى اهتمامهم بجبر الخواطر، وتحثُّنا على اتباع خطاهم في ذلك.
ففي هذا المقال سوف نستعرض معكم في موقع وثائقيه بعضًا من أقوال السلف عن جبر الخواطر التي تُظهر فضل جبر الخواطر، وأثره في تقريب القلوب، وزيادة المحبة، وإصلاح الذات.
تعريف جبر الخواطر
جبر الخواطر هو مصطلح يعني تسلية النفس المكسورة وتهدئة القلب المضطرب وتفريج الهم والغم عن الإنسان المحتاج. وهو من الصفات الحميدة والأخلاق الإسلامية التي يحث عليها القرآن والسنة. ويمكن تعريف جبر الخواطر بالنقاط التالية:
- جبر الخواطر هو إظهار التعاطف والمشاركة مع الآخرين في أحزانهم ومصائبهم ومشكلاتهم، ومحاولة تخفيف عبئها عنهم بالكلمة أو الفعل أو الدعاء.
- جبر الخواطر هو إدخال السرور والبهجة إلى قلوب المحزونين والمكروبين والمحتاجين، وإشعارهم بأنهم ليسوا وحدهم في هذه الدنيا، بل لهم إخوة في الإيمان يساندونهم ويعينونهم.
- جبر الخواطر هو سد حاجات الناس بقدر المستطاع، سواء كانت حاجات مادية أو معنوية أو اجتماعية أو نفسية، وتقديم المساعدة والإغاثة للفقراء والمساكين والأيتام والأرامل والمحرومين.
- جبر الخواطر هو تقدير قدر الآخرين وإحترام شعورهم وكرامتهم، وعدم إذلالهم أو إهانتهم أو إزعاجهم أو إغضابهم، بل التعامل معهم بلطف وحسن خلق.
- جبر الخواطر هو تصحيح المفاهيم الخاطئة والأفكار السلبية التي قد تصيب بعض الناس في ظروف صعبة، وإرشادهم إلى ما فيه خير لهم في دينهم ودنياهم، وتذكيرهم بفضل الصبر والتوكل على الله.
- جبر الخواطر هو تقوية الروابط بين المسلمين، وبث روح التآخي والتضامن بينهم، وتحقيق مبدأ التكافل الإجتماعي، وتجنب كل ما يثير الفتنة أو يزرع الشقاق أو يولد البغضاء.
تعريفات أخرى
- جبر الخواطر هو نيل رضى الله تعالى وثوابه، فإن من جبر خاطر مؤمن كان له منزلة عظيمة عند ربه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: (من أزال عن مسلم همًّا من هموم الدنيا، أزال الله عنه همًّا من هموم يوم القيامة.) .
- جبر الخواطر هو كسب محبة الناس وثقتهم ودعائهم، فإن من جبر خاطر أخيه المسلم كسب قلبه وأحبه لله، وأصبح له صديقاً وحليفاً في الخير، وأصبح محل احترام وتقدير في المجتمع.
- جبر الخواطر هو إزاحة الحقد والغيظ من قلوب بعض الناس، الذين قد يشعرون بالظلم أو الإهمال أو الحسد أو الكره، وتحويلها إلى قلوب مليئة بالمحبة والسلام والرضا والشكر.
- جبر الخواطر هو تطبيق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان خير مثال في جبر خواطر المسلمين، فكان يزور المرضى ويعزي المصابين ويقضي حوائج الفقراء ويصلح بين المتخاصمين ويعفو عن المذنبين.
أشكال وطرق جبر الخواطر
الصدقة:
إعطاء المال أو المتاع أو الطعام أو الملبس للفقراء والمساكين والمحتاجين، وخاصة في أوقات الشدائد والكوارث، فهذا يخفف عنهم الضر ويدخل عليهم الفرح. قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا).
الكلمة الطيبة:
قول كلمات حسنة ومعروفة للآخرين، تشجعهم وتثبتهم وتزيل عنهم الهم والغم، فالكلمة الطيبة صدقة وجبر للخاطر. قال تعالى: (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى).
الدعاء:
الدعاء للآخرين بالخير والبركة والشفاء والفرج، سواء في حضورهم أو غيابهم، فهذا يدل على المحبة والإخلاص، ويجلب الإجابة من الله تعالى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة).
الزيارة:
زيارة المرضى والمحزونين والمصابين، وتقديم التعزية والتسلية لهم، وإظهار المشاركة في أحزانهم، فهذا يرفع عنهم الوحشة ويقوي عزائمهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا عاد المؤمن أخاه في مرضه كأنما سار في خيرات الجنة حتى يقعد، فإذا قعد أحاطت به الرحمة).
الابتسامة:
ابتسامة الوجه للآخرين، خاصة المحبين والأصدقاء والأقارب، فهذا يدخل البشرة والسرور في قلوبهم، ويزيل عنهم التوتر والقلق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تبسُّمُك في وجه أخيك صدقة).
الإصلاح:
إصلاح ذات البين بين الناس، وإزالة الشحناء والعداوة والبغضاء بينهم، وإعادة الصلة والمودة والألفة بينهم، فهذا يجبر خواطر المتخاصمين ويحقق السلام والأمان. قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ).
التعاون:
التعاون مع الآخرين في أعمالهم ومشاريعهم وأهدافهم، وتقديم المساعدة والنصح والإرشاد لهم، وتقدير جهودهم وإنجازاتهم، فهذا يجبر خواطرهم ويزيد من ثقتهم بأنفسهم.
التبريك:
التبريك للآخرين بمناسباتهم السعيدة، مثل الزواج أو المولود أو التخرج أو الترقية أو الفوز، وتقديم الهدايا والورود والبطاقات لهم، فهذا يجبر خواطرهم ويشاركهم فرحتهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تَهَادُوا تَحَابُّوا).
الشكر:
الشكر للآخرين على معروفهم أو خدمتهم أو هبتهم أو نصيحتهم، وإظهار الامتنان والثناء عليهم، فهذا يجبر خواطرهم ويزيد من حبهم للخير. قال تعالى: (فَامْتَنُّوا عَلَىٰ مُوسَىٰ).
العفو:
العفو عن الآخرين إذا أخطأوا أو ظلموا أو جاروا، وسامحهم بصدر رحب، فهذا يجبر خواطرهم ويدفع عنك شرهم. قال تعالى: (فَاسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
فضائل جبر الخواطر
- جبر الخواطر من أسماء الله الحسنى، فهو الجبار الذي يجبر كسور القلوب ويفرج هموم العباد، والدعاء بهذا الاسم من أسباب تحقيق جبر الخواطر.
- جبر الخواطر من صفات الأنبياء والصالحين، فهم كانوا يتعاملون مع الناس بالرفق واللطف والكرم، ويسعون لإدخال السرور على قلوبهم وتلطيف غمومهم.
- جبر الخواطر من أسباب نيل محبة الله والناس، فالله يحب المحسنين والمصلحين بين خلقه، والناس يحبون من يكسب قلوبهم بالكلمة الطيبة والإحسان إليهم.
- جبر الخواطر من أسباب تزكية النفس وتطهيرها من الأنانية والغل والحقد، فإذا تعود المسلم على جبر خواطر إخوانه، سيصير قلبه نقياً رحيماً متسامحاً.
- جبر الخواطر من أسباب تقوية الروابط بين المسلمين وإشاعة روح التآخي والتعاون بينهم، فإذا كان المسلم يجبر خاطر أخيه في حزنه وفرحه، سيكون له صديقٌ مُخْلِصٌ يُعِيْنُهُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ.
- جبر الخواطر من أسباب تفريج الكروب والشدائد عن المسلم، فإذا كان المسلم يجبر خواطر إخوانه في حاجاتهم، سيرزقه الله من حيث لا يحتسب، ويرفع عنه بلايا لا يشعر بها.
- جبر الخواطر من أسباب تحصيل ثواب عظيم في الآخرة، فإذا كان المسلم يجبر خواطر إخوانه في دار الدنيا، سيرى ثمار ذلك في دار الآخرة، حيث سيرى مقعده من الجنة، ويرى نور وجهه في المحشر.
- جبر الخواطر من أسباب تكفير الذنوب ورفع الدرجات، فإذا كان المسلم يجبر خواطر إخوانه بالقول والفعل، سيغفر الله له ذنوبه ويرفع درجاته، وسيكون في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
- جبر الخواطر من أسباب تحقيق السعادة والرضا في الدنيا والآخرة، فإذا كان المسلم يجبر خواطر إخوانه بالمعروف والمغفرة، سيعيش حياة هنية مطمئنة، وسيدخل جنة عرضها السماوات والأرض.
شروط وآداب جبر الخواطر
الإخلاص لله تعالى في جبر الخواطر
أن يكون الهدف منه رضا الله والتقرب إليه، وليس المجاملة أو التزلف أو التملق أو غير ذلك من المقاصد الدنيئة.
التعاطف مع المبتلى
الشعور بما يشعر به من ألم وحزن، وعدم التقليل من شأن مصيبته أو السخرية منها أو المقارنة بينها وبين مصائب أشد منها، فذلك قد يزيد من جراحه ويجرح مشاعره.
الحكمة في اختيار الكلمات
بحيث تناسب حال المبتلى وترقى إلى قلبه، وتجنب الكلمات التي قد تثير غضبه أو تزعجه أو تجرح كرامته أو تفتح عليه جروحا قديمة. كما ينبغي اختيار الوقت المناسب لجبر الخواطر، وعدم المبادرة إليه في حالة الغضب أو الانفعال أو الارتباك.
الصبر على ردود فعل المبتلى
حيث أنها قد تكون سلبية أو عدائية أو متذمرة أو مستاءة، فإن ذلك طبيعي في حالة المصاب، ولا يجوز أن يستاء منه المجبر أو يغضب عليه أو يتخلى عنه، بل يجب أن يظهر له الحنان والود والصبر والسكينة.
الدعاء للمبتلى
سواء أكان بالشفاء والعافية والصبر والسلوان، وأن يفرج الله عنه كربته ويكشف عنه غمته ويجعل مصيبته في ميزان حسناته. كما يجب أن يذكره بفضل الصبر على المصائب، وأجر الشكر على النعم، وأن لا شيء يصيب المؤمن إلا بإذن الله، وأن كل شيء خير له إذا صبر ورضي.
الإحسان إلى المبتلى
سواء أكان بالمادة والمعنى، وأن يقدم له ما يحتاجه من نصائح أو توجيهات أو مساعدات أو هدايا أو زيارات أو اتصالات أو غير ذلك من مظاهر المودة والإخاء. كما يجب أن يشاركه في أفراحه وأتراحه، وأن يكون له صديقا وفيا ومؤانسا ومعينا.
الاستماع إلى المبتلى
سواء أكان بصدر رحب وأذن صاغية، وأن يتركه يفضفض عما في نفسه من هموم وأحزان، وأن يشجعه على التحدث عن مشاعره ومخاوفه وآماله، وأن يكون له مستمعا صبورا ومتفهما ومشاركا.
التفاؤل والإيجابية في جبر الخواطر
أن يبث في نفس المبتلى الأمل والثقة والرضا، وأن يذكره بالجوانب الإيجابية في حياته، وأن يحثه على النظر إلى النصف المملوء من الكأس، وأن يشير إلى أمثلة من الناس الذين تغلبوا على مصائب أشد من مصيبته.
المصداقية والواقعية في جبر الخواطر
أن لا يقول للمبتلى كلاما زائفا أو مبالغا فيه أو مخالفا للواقع، فإن ذلك قد يؤدي إلى خيبة أمل أو انكسار أو استهزاء. بل يجب أن يقول له الحق بلطف وحكمة، وأن يرشده إلى ما هو خير له في دينه ودنياه.
المتابعة المستمرة لحال المبتلى
أن لا يقتصر جبر الخواطر على مرة واحدة أو مناسبة معينة، بل يجب أن يستمر في متابعة تطورات حالته، وأن يسأل عنه بين الحين والآخر، وأن يتحقق من تحسن حالته أو تدهورها، وأن يقدم له المزيد من الدعم والتشجيع.
أقوال السلف في جبر الخواطر
هناك العديد والعديد من أقوال السلف عن جبر الخواطر منها:
- قال الإمام أحمد بن حنبل: “إذا رأيت أخاك مكروبًا فأفرحه، وإذا رأيته حزينًا فأبشره، وإذا رأيته محتاجًا فأعنه، وإذا رأيته مضطرًا فأغنه، وإذا رأيته مسلوبًا فأعده إليه”.
- قال الحسن البصري: “لا تحقر شيئًا من جبر الخواطر، فقد يكون في كلمة طيبة أو ابتسامة جميلة أو مصافحة حارة أو نظرة رحيمة أو دعاء خفي أو هدية صغيرة جبر لخواطر مكسورة” .
- قال عبد الله بن المبارك: “إذا رأيت أخاك محزونًا فلا تزد على حزنه بقولك: مالك؟ وما بك؟ وما حدث لك؟ ومن أحزنك؟ ولكن قل له: تفاءل بالخير تجده، ولا تحزن إن الله معنا، ولا تقلق إن الله على كل شيء قدير” .
- قال ابن عثيمين: “جبر خواطر المؤمنين من سُنَّةِ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا رَأَى مُؤْمِنًا مُصَابًا بِشِدَّةٍ ، كَانَ يُعْزِيهِ ، وَيُحْسِّنُ إِلَيْهِ ، وَيُشْفِقُ عَلَيْهِ ، وَإِذَا رَأَى مُؤْمِنًا مُفْتُوحًا لِلْخَيرِ ، كَانَ يُشْجِعُهُ ، وَيُحْمِدُهُ ، وَيُبَارِكُ لَهُ” .
- قال ابن تيمية: “جبر الخواطر من أحب الأعمال إلى الله، ومن أسباب دخول الجنة، ومن أعظم القربات التي تقرب المؤمن إلى ربه، وتزيد في حسناته، وتمحو عنه سيئاته” .
- قال ابن الجوزي: “إذا رأيت أخاك مكروبًا فلا تزد على كربه بقولك: ماذا فعلت؟ ولماذا فعلت؟ وكيف فعلت؟ ولكن قل له: اصبر واحتسب، ولا تيأس من رحمة الله، ولا تنس أن الله يحبك، وأنه يبتليك ليرفع من درجاتك” .
- قال ابن رجب: “جبر الخواطر من أفضل الصدقات التي يتصدق بها المؤمن على إخوانه، ومن أجلّ الصلات التي يصل بها رحمه، ومن أعظم الأسباب التي تجلب له محبة الله ورضوانه” .
عبارات عن جبر الخواطر
- لا تحزن على ما فاتك من الدنيا، فإن الله يعوضك بما هو خير لك في الآخرة.
- إذا أصابتك مصيبة فتذكر نعم الله عليك، واشكره على ما أبقى لك منها، واصبر على ما ابتلاك به، فإن الصبر مفتاح الفرج.
- لا تجعل همك أكبر من ربك، فإن ربك قادر على كل شيء، وهو أرحم بك من نفسك، وهو أعلم بحالك منك.
- إذا شعرت بالضيق والقلق فادع الله بالخير، وأستغفره من الذنوب، وأقرأ آيات من القرآن، وأذكره بالحمد والشكر، فإن ذلك ينشرح لك صدرك ويسعد قلبك.
- لا تيأس من رحمة الله، فإن الله لا يضيع عمل من عمل صالحا، ولا يخيب أمل من توكل عليه، ولا يخذل من استنجد به.
- إذا أغلقت باب الدنيا في وجهك فافتح باب السماء في وجه ربك، فإن ربك يسمع دعائك ويرى حالك ويعلم ما تريد.
- لا تحمل هم المستقبل، فإن المستقبل بيد الله، ولا تحزن على الماضي، فإن الماضي قد ذهب، وعش في الحاضر بطمأنينة وسلامة.
- إذا أخطأت في حق نفسك أو غيرك فلا تقنط من رحمة الله، فإن الله يغفر الذنوب جميعا، ولا تستصغر ذنبك، فإن الذنوب تتراكم حتى تهلك صاحبها.
- إذا أحسست بالوحدة والغربة فتذكر أن الله معك حيث كنت، وأن المؤمن لا يشعر بالوحدة مادام قلبه متصل بالله.
- إذا اشتدت عليك الظروف وضاقت عليك الأسباب فلا تقل يارب عندي هم كبير، ولكن قل يا هم عندي رب كبير.
أقوال مأثورة عن جبر الخواطر
هناك العديد من أقوال السلف الصالح المأثورة عن جبر الخواطر منها:
لا تحزن إن الله معنا:
هذه العبارة من القرآن الكريم، وهي تذكر المؤمنين بأن الله سبحانه وتعالى يرعاهم وينصرهم ويجبر كسرهم في كل زمان ومكان.
إن مع العسر يسرا:
هذه العبارة أيضاً من القرآن الكريم، وهي تبشر المصابين بأن الله سبحانه وتعالى لا يبتلي عبده إلا بقدر ما يطيق، وأن بعد كل ضيق فرج وبعد كل شدة رخاء.
الصبر مفتاح الفرج:
هذه المقولة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تحث المسلمين على التحلي بالصبر في مواجهة المحن والابتلاءات، وأن يثقوا بأن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر المحسنين.
إذا أغلقت الدنيا أبوابها في وجهك فافتح قلبك لربك:
هذه المقولة من كلام الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهي تدعو المكروبين إلى التوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والإستغفار والتضرع، فإنه لا مولى سواه.
لا تقل قد فات الأوان بل قل إن الله قادر على كل شيء:
هذه المقولة من كلام ابن عطاء الله السكندري، وهو من أشهر الصوفية في التاريخ، وهي تذكر المحبطين بأن الله سبحانه وتعالى قادر على تغيير كل شيء بإذنه، وأن لا شيء مستحيل عنده.
لا تجزع من جرحك، وإلا فستُقْتَلُ جُرْحَانِ:
هذا البيت من شعر ابن الرومي، وهو من أشهر الشعراء في العصر العباسي، وهو يوصي المجروح بألا يفقد أمله في الشفاء، وألا يزداد حزناً على حزن، فإن ذلك يزيد من ألمه.
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحُبَتْ وضاقت عليك نفسك بما حملتْ فاهتف وقل يا رب وسعها علي:
هذا البيت من شعر ابن الفارض، وهو من أشهر الشعراء الصوفية في التاريخ، وهو ينادي المكتئب بأن يستغيث بالله سبحانه وتعالى، وأن يسأله أن يفرج عنه كربته ويوسع عليه صدره.
لا تحزن فالحزن يُضعِفُ القلبَ والجسدَ والعزيمةَ، ويُذهِبُ بالأملِ والمثابرةِ:
هذه المقولة من كتاب لا تحزن للدكتور عائض القرني، وهو من أشهر الكتب في مجال التنمية البشرية، وهو ينصح المحزون بأن يتخلص من الحزن، فإنه يؤثر سلباً على صحته وعقله وإرادته، ويحرمه من السعادة والنجاح.
إذا أصابك هم فلا تقل يارب عندي هم كبير بل قل يا هم عندي رب كبير:
هذه المقولة من كلام الشيخ محمد حسان، وهو من أشهر الدعاة في مصر، وهو يشجع المهموم على أن يثق بقدرة الله سبحانه وتعالى على رفع همه، وأن يجعل همه صغيراً في عينيه مقارنة بعظمة ربه.
لا تحزن إذا جاءك سهم قاتل من أقرب الناس إلى قلبك فسوف تجد من ينزع السهم ويعيد لك الحياة والابتسامة:
هذه المقولة من كلام جبران خليل جبران، وهو من أشهر الكتاب والفلاسفة في التاريخ، وهو يواسي المصاب بخيانة أو غدر من أحبائه، ويطمئنه بأن الله سبحانه وتعالى سيرزقه بأصدقاء أوفياء يشفون جراحاته.
حكم عن جبر الخواطر
هذه بعض حكم وأقوال السلف عن جبر الخواطر:
1.جبر الخاطر ليس تنازلاً عن الحق، بل هو احترام للنفس والآخرين.
2.لا تجبر خاطر من لا يستحق، فالجبرة تزيد الجرح ولا تشفيه.
3.إذا كان جبر الخاطر صدقة، فلتكن صدقتك على من يقدرها ويشكرها.
4.جبر الخاطر ليس ضعفاً أو هزيمة، بل هو قوة وانتصار على الغضب والحقد.
5.جبر الخاطر ليس تسليماً للظلم، بل هو تحدياً للظروف والمصاعب.
6.لا تجبر خاطر من يجرحك بالكلام، فالكلام ينسى والجرح يبقى.
7.جبر الخاطر ليس تخلياً عن المبادئ، بل هو تمسك بها بحكمة وروية.
8.لا تجبر خاطر من يخونك بالفعل، فالفعل يعبر عن النية والولاء.
9.جبر الخاطر ليس إهانة للذات، بل هو احترام لله ورضا بقضائه.
10.لا تجبر خاطر من لا يحبك بالقلب، فالقلب يشعر والحب يظهر.
آيات قرآنية عن جبر الخواطر
- قال تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) [الضحى: 9]، فهذه آية تحث على جبر خواطر الأيتام والشفقة عليهم.
- قال تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) [الضحى: 11]، فهذه آية تحث على شكر نعمة الله والتفاءل بها وإعلانها للناس.
- قال تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) [البقرة: 83]، فهذه آية تحث على قول الكلمة الطيبة والحسنة للناس وتجنب الفحش والبذاء.
- قال تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) [النساء: 86]، فهذه آية تحث على التحية والإجابة عليها بأفضل منها أو مثلها.
- قال تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ يُعْطِي مَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ) [الشورى: 27]، فهذه آية تحث على التوكل على الله والرضا بقضائه وقدره.
- قال تعالى: (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح: 6]، فهذه آية تحث على التفاؤل والصبر في المشكلات والابتلاءات.
بوستات عن جبر الخواطر
بعض بوستات وأقوال السلف عن جبر الخواطر:
- جبر الخواطر هو فن من فنون الحياة، فهو يعلمنا كيف نتغلب على الأحزان والهموم ونستعيد الأمل والسعادة.
- لا تجعل حزنك يسيطر عليك، فأنت أقوى منه. ابحث عن ما يسرك ويفرحك، وتذكر أن الله معك ولا يضيع أجر المحسنين.
- إذا شعرت بالضيق أو الكآبة، فلا تبقى وحيدا. ابحث عن صديق مخلص أو قريب محب يستمع إليك ويشاركك مشاعرك. الحديث مع الآخرين يخفف من الألم ويزيل الهم.
- لا تدع الماضي يحرمك من حاضرك ومستقبلك. تعلم من تجاربك وأخطائك، ولا تتوقف عن التطور والتجديد. كل يوم هو فرصة جديدة لتحقيق أحلامك وطموحاتك.
- اجعل حياتك مليئة بالإيجابية والتفاؤل. ابتعد عن السلبية والتشاؤم، فهما يزيدان من ضغطك وقلقك. انظر إلى الجانب المشرق من كل شيء، ولا تستسلم لليأس.
- اهتم بصحتك الجسدية والنفسية. امارس الرياضة بانتظام، وتناول طعام صحي ومتوازن. احرص على النوم بشكل كافٍ، وابتعد عن التدخين والمشروبات الكحولية. اقرأ كتب مفيدة وممتعة، وشاهد أفلام ترفيهية ومضحكة.
- ابحث عن هواية تحبها وتستمتع بها. سواء كانت رسم أو كتابة أو غناء أو طبخ أو غيرها. الهواية تساعدك على التخلص من الملل والروتين، وتزيد من ثقتك بنفسك وإبداعك.
- اشغل نفسك بأشياء مفيدة وهادفة. ساهم في خدمة مجتمعك وإصلاحه. اطور مهاراتك ومعارفك. اسعى لتحقيق أهدافك وطموحاتك. حياتك قيِّمة، فلا تضيِّعها في التفاهات.
- اذكر الله دائما، فهو خير مولى وخير نصير. صلِّ ركعتين في جوف الليل، وادعُ الله بإخلاص. استغفر الله من ذنوبك، وشكره على نعمه. قرأ القرآن بتدبر، واتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم. الله يجبر الخواطر، ويشفي الصدور، ويسعد القلوب.
- احمد الله على كل حال، فربما كان في ما أصابك خير لا تدريه. اعلم أن الله لا يبتليك إلا بقدر ما تحتمل، وأن مع العسر يسرا. اصبر واحتسب، فإن الله مع الصابرين. ولا تنسَ أن بعد الظلمة نور، وبعد الشدة يسر، وبعد البكاء فرح.
مواقف عن جبر الخواطر
موقف الرسول مع زاهر بن حرام
موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابي زاهر بن حرام، الذي كان رجلاً من أهل البادية، وكان يأتي إلى المدينة بين فترة وأخرى لبيع بعض السلع. فذات يوم، جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى سوق المدينة، فوجد زاهر يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه، وقال له: “مَن يشتري هذا العبد؟” فانتبه زاهر، فلما عرف أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، اضطجع على صدره، وقال: “تجِدُني يا رسولَ اللهِ كاسدًا”. فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “بل إنَّك في عِندِ اللهِ مُكْرَمٌ ومُوَقَّرٌ، أو قال: إنَّك في عِندِ اللهِ ثَمِينٌ ونَفِيسٌ”.
موقف أبو بكر الصديق مع الجارية:
موقف أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع جارية كانت تغني في حفلة زفاف. فذات يوم، دخل أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجده مستجيرًا بثوب من شدة البرد. فخرج أبو بكر مسرعًا إلى بيته، فأخذ كساءً لبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حروب كثيرة، فأتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغطاه به. ثم خرج أبو بكر إلى سوق المدينة، فشرى لحمًا وزبدًا، فأتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطبخ لحمًا وزبدًا في قِدْرٍ، ثم قال: “إِنِّي سَمِعْتُ جاريةً تغنِّي في حفْلِ زَوَاجٍ: (إِذَا جَاءَ أَبُو بَكْرٍ مُحْمِلاً قِدْرَةً * تُطْعِمُ مُحَمَّدًا خَيرَ مُطْعِمِ) فأحضر لك هذا”. فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هوية الجارية فأجابه أبو بكر رضي الله عنه: “إنها مملوكة لأحد الناس”. فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يحررها من عبوديتها. فقال أبو بكر رضي الله عنه: “قد أعتقتها لله تعالى”.
موقف عمر بن الخطاب مع المرأة الفقيرة
موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع امرأة فقيرة وأولادها. فذات يوم، خرج عمر بن الخطاب في جولته الليلية، فسمع صوت أطفال يبكون من جوع، فدخل على أمهم، فوجدها تغلى حجارة في قِدْرٍ، وتقول لأولادها: “اصبروا، فإن الطعام سيجهز قريبًا”. فسألها عمر عن حالها، فقالت له: “نحن أهل بيتٍ مسكينٍ، لا نجد ما نأكل، ولا نعرف أحدًا يعيننا”. فقال لها عمر: “لا تحزني، فإن الله سيفرج عنك”. ثم خرج عمر مسرعًا إلى بيت المال، فحمل على ظهره كيسًا من الطعام والزيت والتمر، وأتى به إلى بيت الامرأة. فسكب لها من الطعام في القِدْرِ، وأعطاها من التمر والزيت، وقال لها: “أطعمي أولادك، ولا تخافي شيئًا”. ثم قام ينفخ في النار حتى اشتعلت. فقالت له الامرأة: “بارك الله فيك، أنت خير من عمر”. فضحك عمر من قولها، ثم خرج مودعًا إياها.
موقف علي بن أبي طالب مع رجل كان يستمع ويلعنه:
موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع رجل كان يشتمه ويلعنه. فذات يوم، جاء رجل إلى علي بن أبي طالب، وأخذ يشتمه ويلعنه بأبشع الألفاظ. فصبر علي عليه، ولم يرد عليه بشيء. ثم قال له: “إن كنت مسافرًا، فحلَّ لدينا ضيفًا؛ وإن كنت محتاجًا، فسدِّدْ حاجتك؛ وإن كنت جائعًا، فشبِّعْ بطنك؛ وإن كنت عاريًا، فكسُ نفسك؛ وإن كنت مديونًا، فقضِ دَيْنَك؛ وإن كان لك حقٌّ فيَّ، فخُذْ حقَّك”. فاندهش الرجل من كلام علي، وانقلب حاله من البغض إلى المحبة. فقال له: “أشهد أنك أفضل خلق الله، وأشهد أنك خليفة رسول الله”.
موقف سعيد بن المسيب مع رجل كان يسأله عن المسائل الفقهية:
ذات يوم، جاء رجل إلى سعيد بن المسيب، وأخذ يسأله عن بعض الأحكام والمسائل. فأجابه سعيد بن المسيب على ما سأله، ثم قال له: “أتدري أين أقيم؟” فقال الرجل: “لا”. فقال له سعيد: “هذا البيت هو بيتي”. ثم أشار إلى بيت قريب من المسجد. ثم قال له: “إذا كان لك حاجة أو سؤال، فلا تتعب نفسك بالمجيء إلى هنا، وإنما ادخل في بيتي، واسألني عما شئت”. فقال الرجل: “بارك الله فيك، وجزاك خيرًا”. فقال له سعيد بن المسيب: “وفيك بارك الله، وجزاك خيرًا مثل ما جزاني”.
هذه بعض من المواقف التي تدل على جبر الخواطر من السلف الصالح، والتي تعلمنا كيف نتعامل مع إخواننا المسلمين بالرحمة والإحسان والتواضع. ونسأل الله أن يرزقنا خير خلقهم، وأن يجعلنا من المبشرين بالجنة. آمين
كلام عن جبر الخواطر تويتر
بعض كلام وأقوال السلف عن جبر الخواطر:
- جبر الخواطر لا يقتصر على الكلام اللطيف والمواساة، بل يشمل أيضا الفعل الصالح والمبادرة الحسنة والهدية المفاجئة.
- جبر الخواطر ليس ضعفا أو تنازلا، بل قوة وشجاعة، فهو يعبر عن رحمة القلب وسمو الروح وكرم الأخلاق.
- جبر الخواطر ليس مجاملة أو تودد، بل صدق وإخلاص، فهو ينبع من حب الخير للآخرين ورغبة في إسعادهم.
- جبر الخواطر ليس تدخلا في شؤون الغير أو تطفلا على خصوصياتهم، بل احترام وتقدير، فهو يتمثل في معرفة حدود المساعدة والتفهم والتعاطف.
- جبر الخواطر ليس مصلحة أو مكاسب، بل عطاء وإحسان، فهو يستلزم التضحية والتخلي والتفاني دون انتظار مقابل أو شكر.
- جبر الخواطر هو سنة من سنن الله في خلقه، فهو يجلب السعادة والرضا والبركة لمن يمارسه ومن يستفيد منه.
- من جبر خواطر الناس جبر الله خاطره.
- جبر الخواطر باب من أبواب الجنة.