أغرب القصص في التاريخ الإسلامي: من العجائب إلى الدروس والعبر
التاريخ الإسلامي مليء بأغرب القصص التي تشهد على عظمة هذا الدين وثراء هذه الحضارة.
ومن أغرب القصص في التاريخ الإسلامي قصص تروي مغامرات وأفعال شخصيات بارزة ومؤثرة في تاريخ الإسلام.
قصص تعكس صورة حية عن الحياة والثقافة والفن والعلم في المجتمعات الإسلامية عبر العصور. قصص تحمل دروساً وعبراً قيّمة لكل من يقرأها ويستفيد منها.
في هذا المقال، سأشارككم بعضًا من أغرب هذه القصص، التي ربما لم تسمعوا بها ولم تعرفوا بتفاصيلها من قبل.
قصص تثير الدهشة والإعجاب، وتظهر جانبًا آخر من التاريخ الإسلامي، لا يقل جمالًا وروعة عن باقي جوانبه.
قضية علي واليهودي في الدرع المفقودة
من أغرب القصص في التاريخ الإسلامي ومن الوقائع العجيبة التي حدثت في زمن الخلفاء الراشدين؛ أن علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- رأى درعًا من دروعه عند رجل من اليهود، فطالبه بها قائلا: “هذه درعي كانت مع أمتعتي، فسقطت من على بعيري، فجمعها هذا الرجل”. فأنكر اليهودي عليه وقال: “درعي هذه وأنا مالكها”، ثم قال لعلي: “لن يفصل بيننا إلا قاضي المسلمين”، فذهبا إلى شريح بن الحارث القاضي.
حكم شريح
فسأل شريح علي: “ما أمرك يا أمير المؤمنين؟”، قال: “درعي كانت مع أمتعتي، فسقطت من على بعير لي، فوجدتها عند هذا الرجل”. فقال شريح لليهودي: “ما تقول فيما قال أمير المؤمنين؟” قال: “درعي هذه وأنا مالكها”، فقال شريح: “صدقت يا أمير المؤمنين إن هذه درعك؛ ولكن يجب عليك إثبات دعواك بشهادة شرعية”، فدعا علي قنبر مولاه وابنه الحسن ليشهدا أن هذه درعه، فقال شريح: “أما شهادة مولاك فقد قبلناها، وأما شهادة ابنك لك فلا نقبلها”. هذا وقد تعجب علي من رده وقال: “ويلك، ألا تشهد أن الحسن والحسين سادات شباب أهل الجنة؟” قال: “بلى يارب”، ثم قال علي لليهودي: “خذ الدرع”.
إسلام اليهودي
فأدهش اليهودي من حكمة علي وعدل شريح، وقال: “أمير المؤمنين جاء معي إلى قاضية؛ فأخذ حقَّه وسلَّم، صدقت يا أمير المؤمنين، إن هذه درعك سقطت من على بعير لك جمعتها، ثم قام وشهد الشهادتين وأسلم، فأعطاه علي -كرم الله وجهه- الدرع على سبيل الهدية.
ومن الدروس المستفادة من هذه القصة:
- القصة تظهر عدل الإسلام مع كل الناس، وأن العدل هو شرط للحكم الصالح.
- القاضي لم ينصف أمير المؤمنين، لأنه لم يقدم دليلًا على براءته من اتهام اليهودي.
- القاضي قضى لصالح اليهودي، معتمدًا على قاعدة “البينة على المدعي واليمين على من أنكر”.
وامعتصماه
من أغرب القصص في التاريخ الإسلامي قصة المعتصم بالله العباسي، الذي خلف أخاه المأمون في الخلافة، وكان شعاره: “سل الله يعطك”، وكان مشهورًا بالبأس والشجاعة والمقدمة في الجهاد.
الحادثة
وقيل أن امرأة من نساء المسلمين، كانت مأسورة عند رجل من الروم في مدينة عمورية، فضربها ضربًا شديدًا، فنادت: وامعتصماه، فسخر منها الرومي قائلا: “لا يأتيك المعتصم إلا على حصان أبلق”.
الإنتقام
فلما بلغ ذلك المعتصم، اشتد غضبه وحزنه، وأخذ جيشه وانطلق إلى عمورية في زمن البرد والثلج، وأمر جنوده أن لا يركبوا إلا خيلًا أبلقًا، وحاصر المدينة حتى استولى عليها، ودخلها وهو يردد: “لبيك لبيك”، وأنقذ الامرأة من يد الرومي، وقطع رأسه.
قصة عدل الخليفة عمر بن عبد العزيز وفاتح سمرقند
الفتح الإسلامي لسمرقند
في عهد الخليفة العادل “عمر بن عبد العزيز” كان الفاتح الإسلامي البارع “قتيبة بن مسلم الباهلي” ينشر الإسلام في أقطار الأرض المختلفة كما كان يفعل المسلمون في ذلك الزمان، ولكن هذا الفاتح المجيد لما أعطاه الله فتح “سمرقند” لم يبلغ أهلها بالإسلام ولا بالجزية ولم يعطهم مهلة ثلاثة أيام، وعندما عرف كهنتها أن ما فعله فاتح المسلمين معهم خلاف شريعة الإسلام شكوا إليه إلى سيد المسلمين “عمر بن عبد العزيز”، الذي أمر بإحضاره “قتيبة بن مسلم” إلى دار القضاء.
المحاكمة والحكم
“وبعد أن وصل، ناداه خادم القاضي باسمه فقط: “قتيبة”، ثم دخل “قتيبة بن مسلم” على القاضي “جميع” الذي كان بجانبه الكاهن السمرقندي، فسأله القاضي: “ما هو مطلبك يا سمرقندي؟””
فقال له: “لم يدعنا قائد المسلمين نختار بين الإسلام والحرب، بل هاجمنا بجيشه من دون سابق إنذار”.
فسأله القاضي: “ما رأيك في ادعائه يا قتيبة”. فأجابه قتيبة: “المكر فن الحرب، وسمرقند مدينة عظيمة تحيط بها شعوب متآمرة لم تقبل بالإسلام أو الجزية”.
فسأله القاضي: “هل بشرت أهل سمرقند بالإسلام أو بالجزية أو حتى بالحرب؟”. فأجاب قتيبة: “إننا اقتحمنا بلادهم لأسباب عدة سبق وأن ذكرتها”.
فرد عليه القاضي: “فقد اعترفت بانتهاكك، اعلم يا قتيبة أن هذه الأمة لم تحصل على الفتوحات إلا بالالتزام بآداب الحرب والحفاظ على تطبيق العدل.
حكمنا بخروج المسلمين وجنودهم وأسرهم من سمرقند، ولا يحول دون تأمينهم في طريق رجوعهم”.
الإسلام والسلام
اندهش رسول سمرقند “الكاهن الذي جاء بالشكوى إلى سلطان المسلمين” مما شاهده وسمعه، رجع إلى قومه يروي لهم ما رأى.
بعد فترة قصيرة، سمع أهل سمرقند أن الجيوش المسلمة تستعد لمغادرة البلاد بعد أن أقامت العدل والأمن فيها.
خرج أهل سمرقند وكهنتهم إلى مخيمات المسلمين قبل رحيلهم ونطقوا الشهادتين وأشهروا إسلامهم.
قصة الذئب الناطق مع الراعي
هاجم ذئباً شاة من قطيع أهبان بن أوس الأسلمي وهو يرعى في الحرة، فدافع عن الشاة وأسقط الذئب على ذنبه.
فتحدث الذئب بلسان الإنس وقال للراعي: أتخاف الله وتمنعني من رزقي الذي أرسله الله لي؟!
حيرة الراعي وإخباره بالرسول صلى الله عليه وسلم
فتعجب أهبان من كلام الذئب وقال: ما هذا الذئب المقعى يتكلم كالإنس؟!! فقال الذئب: هل تريد أن أخبرك بأمر أعجب من كلامي؟ فأجابه: بلى.
فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة بين حرتين يخبر الناس بما كان في الماضي، فأسرع أهبان بقطيعه إلى المدينة ووقف في زاوية منها، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بقصة الذئب.
تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهبان وإشارته إلى علامات قرب الساعة
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس وأمر أهبان أن يحدثهم بما حدث، فحدثهم بكلام الذئب، فأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدق أهبان وقال: «إن هذا من علامات قرب الساعة أن تتكلم السباع مع الإنس، والذي نفس محمد بيده لن تقوم الساعة حتى يتكلم مع الإنس شرشف نعاله، وشفير سوطه، وفخذه يخبره بما فات من أحوال أهل بيته»!!
هذه القصة تبدو وكأنها من الخيال، لكنها مروية ومنقولة عن مصادر موثوقة جدا، منهم الإمام أحمد والإمام الحاكم والإمام البيهقي والإمام ابن حجر العسقلاني، كما ذُكرت في فتح الباري.
الدروس المستفادة
- التاريخ الإسلامي يحوي العديد من القصص الغريبة والملهمة التي يمكن استخدامها في تحفيز الإبداع والإلهام في مختلف المجالات.
- القصص الإسلامية تحتوي على الكثير من الدروس القيمة التي يمكن استخدامها في التعامل مع الحياة اليومية.
- من خلال قراءة القصص الإسلامية يمكن للفرد أن يتعلم الصبر والثبات والتفاؤل في مواجهة التحديات والصعوبات.
- يمكن استخدام هذه القصص في التعليم والتثقيف لتعزيز قيم الأخلاق والتسامح والصدق والإيمان في المجتمعات.
